لم يكن اعلان استقلال الجمهورية الإسلامية الموريتانية في 28 نوفمبر 1960، ليمثل نقطة ارتكاز لافتة في الوعي العام للساكنة الموريتانية، في عمق البراري واتساع المراعي وزحمة الآبار، فقد كانت تلك الساكنة، في معظمها، موغلة في البداوة والتخلف، مع أن ذاكرتها الجمعية خلو من أي أثر لتراث سلطاني جامع؛ لكن ذلك الإعلان، التاريخي بكل المقاييس، قد مثل تجسيدا حيا لأمل عريض وحلم جميل داعب وعي وخيال البناة المؤسسين من نخب تلك المرحلة ومتعلميها، هو إقامة أول دولة مستقلة حقيقية، تحيط هذه الربوع وأهلها؛ وإن كان الإعلام مثل انتكاسة صاعقة لمشاريع سياسية لأطراف متعددة، سعت مبكرا إلى إلحاق البلاد بكيانات قائمة أو منت