ترجمة لرواية / تجربة ضابط "جمّالة" فرنسي خدم في موريتانيا / الحلقة الثالثة

أربعاء, 09/10/2019 - 20:00

"الحدود الأخيرة للامبرطورية..."​_ الجزء الثالث 

ترجمة : الكاتبة خفية الاسم الدهماء ريم -

أصبحت موريتانيا تمثل الحدود المنيعة لإمبراطوريتنا السوداء التي لا يمكن اغتصابها، مع أني أؤكد لكم أنه لم تكن بأيدينا أي وسائل لحمايتها، كان بإمكان خصومنا فعل ما يريدون، خصوصا خلال فترة الحرب.. حتى مقدم حكومة Provin "بروفين" رأس البغل، الذي كان يحتج بعجزه عن إخضاع جماعات لا يستطيع أن يوفر لها الأمن. كان "بروفين" يعمل على تملقهم بالكلام الخادع، وخصوصا بالهدايا.. كان مستعجلا ومتحمسا جدا لإظهار المشاعر الطيبة لفرنسا تجاههم.

اخترع لهم وضعا خاصا جداً، سماهم: "أصدقاء السلام البعيدين".  اكتشاف! ..  أعطاهم هذا كل المزايا، ثم اقترح على من يطلبون السلام أن يكونوا "الأجانب الأصدقاء".. أصبح التافهون يتجولون بحرية في الأراضي المستعمرة، وهم معفيون دوما من حقوق الرعي ويعملون ضدنا كوكالات استخبارات لأبناء عمهم "أعداءنا".. لا يمكننا التحكم في أرضهم، ولا يمكننا إرغامهم على شيء ما دمنا عاجزين عن تأمينهم.. لم يقبلوا منا أبدا أن نتولى حمايتهم!، لم يكن من المنطقي تأمين السيطرة على شريط حدودي بطول خمسمائة كيلومتر بفرقتين بدويتين فقط، خصوصا بالتواجد على مقربة من أعداء لا يمكن تتبعهم إذا ما اجتازوا إلى الحدود الاسبانية بعد كل غارة. 

في "سينلوي" حيث القيادة لا تُرى الأشياء بنفس النظرة في آدرار، فخلال عشر سنوات، لم تسعَ أي حكومة إلى الاطلاع على ما يجري على الأرض، فمن البديهي أن قطع سبعمائة كيلومتر على ظهر جمل صعبة على أردافهم. ويوم مقدمهم بالسيارة تبنوا نفس الخطاب.. زيارة خاطفة، ودون إدراك للواقع.

كيف يتسلح ارگيبات؟ .. الأسلحة لم تكن متوفرة لارگيبات فقط.. ففي الغرب تتشكل غزيان من أولاد ادليم أيضا، وهناك أنصار الشيخ ماء العينين الذين يحرضون المحاربين البدو ضدنا بدعوتهم للجهاد المقدس، كان من السهل الحصول على الأسلحة من جنوب المغرب من خلال التهريب وخصوصا في الساقية الحمراء، ناهيك عن أسلحة ألمانيا خلال الحرب، وعن تسليح الاسبان المتعمد للمنشقين منذ عشرين سنة، كما كانت منطقة رأس جيبي (على شاطئ المحيط، شمال مدينة الطرفاية، قبالة جزر كاناري) سوقا مزدهرا للأسلحة، فضلا عن هدايا الأسلحة برسم الصداقة!.. لقد أهداهم "بروفين" عشرات البنادق، إنه الجنون.

منذ ثلاث سنوات أمطرت السماء لدينا بشكل كبير، بينما انحبس المطر عنهم في الشمال، فرأيناهم ينزلون اتجاه مراعينا الخصبة، كانوا في متناولنا، غير أن الأوامر صدرت إلينا بمهادنتهم وعدم التعرض لهم والتحضير للمستقبل! .. عجز قادتنا عن فهم عقلية المحاربين البظان. 

تغير الوضع بعد معركة أم التونسي، فقد قدم لنا اسم القائد "ماك ماهون" آخر خدمة، حيث فرض على قيادتنا الاهتمام بوضعية موريتانيا ، شكلت فرقة بدو ثالثة في منطقة اكجوجت، و حصلنا على تمويلات بإقامة مركز في كدية اجّل.

 

لقراءة الحلقة الثانية اضغط : هنا

تصفح أيضا...