ــ ملاحظة : وصل المقال بريد مراسلون من دون عنوان و اقترح المحرر العنوان أعلاه بناء على فحواه لذلك وجب التنبيه
حلت ذكرى رحيل الشهيد الولي مصطفى السيد الثانية و الأربعين، و هبت لحلولها رياح نكء الجراح عبر هذا الفضاء المفتوح الذي يجمع طوعا و كرها الصحراويين و الموريتانيين .
و رحيل الولي سيبقى مرا مفجعا للشعبين حتى آخر يوم في هذه الدنيا الفانية، ذلك أنه بالنسبة للصحراويين ملهما و زعيما مغوارا و بالنسبة للموريتانيين سببا لتناسل الرؤى و تعدد القراءات .. فربط استشهاده و ضربه العاصمة نواكشوط من شأنه دائما حجب الحقائق و مخاتلتها.
و مهما قلنا نحن الصحراويون ستبقى شهاداتنا مجروحة أمام غالبية أشقائنا الموريتانيين، ممن عرفوا شطر تاريخ تلك الحرب المشؤومة و جهلوا شطرها الآخر .. أو ممن استوطنت بمخيلهم أساطير مرعبة عن الحرب، ضربت ستارا غامقا عن الأسباب و المصوغات .
بيد أن صاحب الحق ملزم دائما بتبيانه، و لعمري إن تبيان الحقائق و المثابرة على صقلها، و النقر بها بتوؤدة،و الطرق بها بروية، عند الأفئدة الموصدة و العقول المواربة، لهو أجل الفعال و أبلغ سبل الكفاح من أجل نيل الحقوق المشروعة.
لم يرعني أن أجد بهذا الفضاء الافتراضي من لا يعتبر الولي شهيدا و زعيما لأمته و شعبه، فالأمر ليس ملزما لأي كان من غير الصحراويين، ليس ملزما بالمرة للموريتانيين و هم أشقاؤنا في حالة لم يكونوا طرفا في الحرب التي قضى فيها أحرى أنهم كانوا كذلك، لكن المروع حقا أن نجد من المثقفين اللامعين من يضرب بكل الحقائق الساطعة عرض الحائط، و يترك العنان للأحقاد و الضغائن البالية مساحة بغيضة تتحكم في أقواله و أحكامه. و من الحقائق التي لا يمكن لأي موريتاني تجاوزها ما جاء في مذكرات الراحل المختار ولد داداه .. و مما جاء فيها أن احتلال نظام المختار رحمه الله للصحراء الغربية كان بناء على اتفاقية مدريد الثلاثية بين المغرب، موريتانيا و اسبانيا .. و فيها أي المذكرات أن القسمة "المشؤومة" كانت بدافع منه لدرء أطماع المغرب في موريتانيا .. والمذكرات أيضا أن الولي التقى بالمختار مرتين لنقاش الوحدة بين الشعبين و البلدين و التصدي لأطماع المغرب .
و هنا أريد أن أعرف وجه الدقة في وصف الصحفي الموريتاني البارز عبد الله ولد سيديا الشهيد الولي بالمتمرد، و رأيه في اتفاقية مدريد التي أقرها الراحل المختار ولد داداه، فالأكيد أنه المصدق عنده و المقدس كل فعله حتى حربه رحمه الله ضد الشعب الصحراوي ؟؟
و من الحقائق أيضا التي لا يمكن نكرانها هو بلوغ الشهيد الولي و فرقته العسكرية العاصمة نواكشوط و ضربه محيط الرئاسة و تحقيقه الهدف الإعلامي والسياسي الذي أراده من تلك العملية المجازفة، فقد كانت أهم أهداف الولي هي إخراج موريتانيا من الحرب التي فرضت عليها بموجب الاتفاقية الظالمة، وقد كان يعول على صدى الشارع الموريتاني الرافض للحرب و للأصوات داخل النظام آنذاك الرافضة أيضا، و لن تجد تلك الأصوات حجة أكبر لإعلان الرفض و فرض توقيف الحرب أكثر من تهديد عاصمة البلد و تدمير اقتصاده.. و في طريق العودة تعطلت سيارته وسط كثبان رملية و كان ما كان .
و كان أيضا أن انتهت تلك الحرب الظالمة.. و طوى الصحراويون صفحة مؤلمة..آلامها عالقة بالجوانح، و من سكان إقليم وادي الذهب الذي احتله الجيش الموريتاني آنذاك من يعيشون بمخيمات اللاجئين و قد شردوا من أرضهم و من سكان النعمة و باسكنوا من يذكرون جيش البوليساريو دون أن يدركوا لوصوله هناك الدوافع الحقيقية،
و استشهد سويدات بعين نتيلي و وقف الشهيد الولي عند قبره ترحما .. و دفن الولي بوسط نواكشوط شاهدا على عمقه التاريخي فيها ، و توفي اعل ولد محمد فال بمجيك المحررة على بعد أمتار من قبر الشهيد أعلي ولد ميارة .. أحد أكبر و أهم المقاومين الصحراويين الموريتانيين .. و كتبنا و ترحمنا أثر وفاة ولد معيوف رحمه الله و قد احتل الداخلة و بوجدور و لكويرة بأمر من نظامه آنذاك
و اعترفت موريتانيا بالجمهورية الصحراوية و يعيش الشعبان بعيدا عن غوغاء السياسة و متاريس المصالح الفردية و حمى التدوين المشحون ببغضاء، يعيشان انسجاما و وئاما تفرضه الوشائج الاجتماعية.. و بعد كل هذا و أكثر أما آن لكل هذا اللغو الموجع أن ينتهي ؟؟؟؟