القافلة / آد محمد ولد الشيخ ولد عبد القادر (حديث في الوصف والمسارات )

أحد, 06/06/2021 - 15:52

الرفگة أو القافلة هي منظومة اقتصادية واجتماعية وثقافية ... ظلت تشغل حيزا كبيرا من حياة هذا المجتمع البدوي بعاداته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية…، وتتشكل القافلة التقليدية (الرفگة) عندنا من مرحلتين أساسيتين هما :
*مرحلة جلب الملح من سباخ الشمال (سبخة اجل)، وبعض منتجات وصناعات شمال افريقيا وخاصة  من بلاد المغرب العربي

*الثانية تتعلق بجلب منتجات وبضائع  افريقيا  جنوب الصحراء…:

تبدأ الرفگة تحضيراتها بتوفير  (ءاشتيك ) اي المادة النقدية أو غيرها التي بواسطتها يتم اقتناء البضائع المختلفة، ويتكون ءاشتيك هذا إما من نقود أو بعض المسائل الأخري التي يتم تبادلها مع بضائع أخري  مثل الصناعة التقليدية والتمر والعطور... ،وعندما يتم جمع ءاشتيك هذا ويحدد عدد أفراد وإبل ووسائل القافلة المختلفة  يبدأ موسم القافلة الذي ينقسم الي مرحلتين :
1- قافلة الملح  : تبدأ المرحلة الأولي بالتوجه شمالا قاصدة سبخة الجل أو سبخة أهل شماد الواقعة في تيرس زمور،في وادي أم الظفيرات، وتتكون القافلة اساسا من الرجال (أربعة فما فوق) وقطيع من الإبل التي تساق ذهابا (تسمي أزلاي بزاء مغلظة)، و اثناء السفر يعمل الرجال على أخذ "الحلفة"وإعداد الحبال التي بواسطتها سيحمل الملح، وعندما تقترب القافلة من تيرس يبدأون بأخذ حشائش "الصبط" وصناعة شرائح ذات عرض وطول معينين ثم تطوى تلك الشرائح لصناعة اتكارير بمعدل اثنين (تكرير) لكل جمل كي تَحول بين ظهر الجمل والحبال التي  يحمل بها الملح،بعد ذلك التجهيز  يتم تحميل الإبل بالملح بمعدل ثماني صفائح (اعديلة) لكل جمل كل اثنتين مربوطتين بحبال تتدلى من أعلى الى أسفل على أسفل جنبات الجمل،تبدأ بأقصرها حبالا فالتي تليها فالأطول إلى أن تكون ستة أو ثمانية تكون الأخيرتين أطولها حبالا بحيث تشد على الأخريات تحتها .
يتم حمل الصفائح (لعدايل) على الجمل بسرعة فائقة  فكل رجلين على بعير يمسكان اولا العدايل الاولي  والثانية ثم الثالثة والرابعة فالخامسة والسادسة الى أن يصلا السابعة والثامنة وبذلك يكتمل حمل ذلك الجمل فيمسكه (أَقِدِّيمْ وهو شخص وظيفته تقديم الخدمة لأفراد القافلة)  ويبدأ المسير بخطى بطيئة جدا فيلحقه الجمل الثاني فالثالث ....إلي ان يكتمل حمل كل القافلة عند ذلك يبدأ سير القافلة العادي حتي الزوال مشكلة رحلة يومية تسمى (الجبدة)، وأثناء مسيرة القافلة اليومية يتوزع الرجال على أخذ قِرب الماء وملئها كلما مرت القافلة بمحاذاة مصدر مائي دون أن يؤثر ذلك في السير الطبيعي للقافلة حيث  يأخذ الرجال القرب قبل الوصول لمصدر الماء بمسافة وما يلبثوا أن يلحقوا بهاحاملين تلك القرب على أكتافهم  ،وفِي نفس الوقت وطوال مسير القافلة يواصل المدرسون  تدريس  طلابهم، ويمارسون العمليات التجارية اثناء السير.
وبعد النزول يتوزع القوم على العمل لصنع الأكل والشاي بعد جمع الحطب في حين يتكفل "أقديم" برعاية الإبل، وفِي. الربع الأخير من اليوم الموالي تبدأ القافلة رحلتها ليومها الجديد بنفس الوتيرة حتى تصل الأحياء التي كانت قد انطلقت من عندها في البداية،ثم تتوقف فترة  لتستريح الجمال التي أهلكتها تلك المسافة الطويلة(شهرا علي الاقل ذهابا وأكثر من شهر إيابا،ثم ما تلبث ان تستأنف  رحلة الجنوب)
2-المرحلة الثانية من رحلة القافلة هي التوجه نحو الجنوب، فبعد الاستراحة من متاعب الرحلة شمالا لأخذ الملح ومنتجات بلاد المغرب العربي المختلفة، وبالاسترحة وتحصيل بعض المبالغ النقدية والصناعات التقليدية المحلية،يتم تجميع  المبالغ الضرورية النقدية ومواد التبادل وتحصيل مايعرف في ثقافة الرفكة باءاشتيك، تبدأ الرحلة نحو الجنوب حيث تكون حقول الذرة والمنتجات الفلاحية الأخرى قد حان حصادها، وعند الوصول الى مناطق غرب إفريقيا الفلاحية تلك يبدأ أصحاب القافلة في بيع ما تحمل من بضائع ، وتبادل ما يمكن تبادله منها بالزرع أو غيره، ثم تأتي مرحلة التزود بالمنتجات الفلاحية المختلفة وغيرها من البضائع مثل الجِّيف ، والريش وبعض الأدوات المنزلية وءالات الفراش( تجريد الرعيعيد، الركايز، أدوات الحليب المصنوعة من الخشب..).
بعد ذلك تبدأ القافلة في الاستعداد للعودة، ولا يختلف توزيع العمل بين الرجال في هذه المرحلة عن تلك المتوجهة نحو الشمال، فإذا كان حمل الجمل من الملح محددا بالعدايل ،فان حمل الجمل بهذه المرحلة يتكون أساسا مما يناهز 250كلغ تقريبا موزعة على أربعة أظرف هم شِگَّيْنْ متساويي الو زن تقريبا مابين (100-80كلغ) لكل منهما، وظرفين(ظبية) واحد يوضع على الغارب(30كلغ) تقريبا  والثانية على المؤخرة (25كلغ)تقريبا،وقد يضاف ظرف ثالث لبعض الجمال القوية يوضع عرضيا مابين الشگيىن يسمى اعلاي ،وينطبق ذلك على كل جمال القافلة باستثناء صغيري السن  أو ضعيفي البدن.
يتشكل القيمون على القافلة من مالكي العدد الأكثر من الجمال، أما الأسر التي ليس لديها سوى جمل   واحد أو اثنين وربما ثلاثة، فتوزعهم بين كبار ملاك  إبل القافلة ،وينطبق ذلك على الأسر التي تعيلها نساء.
يمارس رجال القافلة نفس الحياة التي ذكرنا في مرحلة جلب الملح من تعليم وجمع للكتب وممارسات تجارية ، وتقسيم للعمل.
فالقافلة تشكل خلية حية للتنمية الاقتصادية  والثقافية ....

إضافة إلى هذا النمط من القوافل والذي كان شائعا زمن ازدهار حياة تجارة القوافل عبر الوسط الموريتاني والذي عرف  تكاملا ما بين حياة البدو وتجارة القوافل والمدن الواحات....إضافة إلى ذلك وجدت أنماط أخرى من القوافل مثل القوافل التي كانت تحمل التمر نحو السينغال والمدن والقرى المجاورة لنهر السينغال، والتي ما تزال ءاثارها باقية على طول الضفة اليمنى للنهر على شكل غابات من النخيل"السايب"هي في الأصل نبتت من نوى التمر الذي كانت القافلة تتزود به.

تصفح أيضا...