قديماً كان جدي يذهب إلى اركيز ليجلب مؤونة عام مع كل موسم حصاد، فالأرض معطاء والنفوس التي تزرعها كريمة، أما اليوم فصار إخوتي يذهبون إليه في مواسم النفاق، يزرعون الكذب في الأرض التي أنقذتهم وأجدادهم من الموت جوعاً، فلا يحصدون من ذلك إلا الأعاصير الهوجاء.
قبل عقود كنت أحتفظ في مخيلتي بصورة غرائبية عن مدينة اركيز، كنت أتخيلها جنة الدنيا، لأن سيارة القرية المتواضعة تعود منها كل مساء وهي محملة بالخضروات والحبوب والكثير من قصب السكر، الحلوى المفضلة عندنا نحن أطفال القرية البؤساء والمصابين بسوء التغذية.