من الحيرة إلى الدعم والالتزام../ عبد الله ولد زا گه

خميس, 25/09/2025 - 20:45

في سنة 2019، كنت أقف على جبل من الحيرة أمام شخصية المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني؛ لم نكن نعرف عنه سوى القليل من الأخبار الرسمية التي تنقلها وسائل الإعلام التقليدية، وتلك – مهما كانت نبرتها مطمئنة – لا تكفي لبناء قناعة سياسية متينة، خاصة في مرحلة انتقالية دقيقة كالتي كانت تمر بها بلادنا.

 

فقد عاشت بلادنا خلال العقد الذي سبق إعلان ترشح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ، حالة من الصخب السياسي والتجاذب الحاد، تعرفنا خلالها على أغلب الفاعلين السياسيين والعسكريين، بحضورهم الإعلامي، وتحالفاتهم، وحفظنا خرائط تواجدهم ، لكن محمد ولد الشيخ الغزواني ظل حالة مختلفة؛ رجلٌ حاضر في العمق، غائب عن السطح، هادئ في زمن الضجيج، يشتغل بصمت في حين تلهث النخبة وراء الأضواء.

لقد بدأ اسمه يتردد منذ الوهلة الأولى كمرشح محتمل، بل كـ”رئيس قادم”، دون أن نحظى بصورة مكتملة عنه؛ وبوصفي صحفياً شغوفاً بالتحليل السياسي وجمع المعلومات، لم أتوانَ عن البحث والسؤال، وفوجئت أن كثيراً من الإعلاميين والسياسيين وحتى بعض المراقبين الدوليين، لم يكونوا يملكون فكرة واضحة عنه، بل إن صديقاً لي أخبرني أن مسؤولاً كبيراً بإحدى البعثات الدبلوماسية الغربية قال له بوضوح: “نحن لا نعرف شيئاً عن رئيسكم القادم..!”

ثم جاء مساء الأول من مارس 2019، حيث حضرت من مدرجات ملعب شيخا ولد بيديا حفل إعلان ترشحه، كانت تلك لحظة الانكشاف السياسي الأولى لرجل صوفي ، لقد استمعت إليه للمرة الأولى دون وسطاء، واكتشفت ملامح رجل دولة، لا يخطب لمجرد الخطابة، بل يؤسس لرؤية وطموح ، و شكل ذلك الخطاب لحظة حاسمة بالنسبة لي، خاصة حين قال:

"أما أنا، فلا أقول ولا يمكنني القول إن كل من حكم البلاد كان مخطئاً بالمطلق، فلو كان الأمر كذلك، ما كان لنا وطن يمتلك مقومات الدولة".

تلك العبارة البسيطة، المتزنة، الصادقة، كانت بالنسبة لي لحظة حسم. رأيت فيها عقل الدولة، لا مزايدات السياسيين؛ و من يومها، قررت ألا أكون مجرد مراقب، بل أن أتحمل مسؤوليتي في المساهمة في تعبئة الرأي العام، وتكريس خطاب الاعتدال والواقعية، ودعم هذا المشروع الوطني الواعد.

ولم يكن دعمي للرئيس مجرد موقف عاطفي أو لحظة إعجاب عابرة، بل كان التزاماً عملياً، عبر سلسلة من الجهود التي بذلتها، إعلامياً وسياسيا ولازلت أبذلها.

 

اليوم، وبعد سنوات من توليه المسؤولية، يمكن القول بثقة إن الرئيس وحكومته حققوا إنجازات معتبرة في عدة مجالات حيوية:

 • الاقتصاد: استقرار المؤشرات الكبرى، وتبني إصلاحات هيكلية، وإطلاق مشاريع كبرى تستهدف رفع النمو وتوسيع قاعدة الإنتاج؛

 • التنمية الشاملة: الاستثمار في البنية التحتية من طرق وجسور ، ما شكل رافعة حقيقية للتنمية الوطنية؛

 • الزراعة: إيلاء عناية خاصة للأمن الغذائي، عبر استصلاح آلاف الهكتارات وتوفير الوسائل الحديثة للزراعة ، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الأرز وترفيع الإنتاج من الخضروات ؛

 • التشغيل: إطلاق برامج موجهة للشباب، ودعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، باعتبارها محركاً أساسياً لمحاربة البطالة؛

يقول المفكر الفرنسي مونتسكيو: " إن ازدهار أي أمة لا يقوم فقط على وفرة ثرواتها، بل على عدالة قوانينها، ونزاهة مؤسساتها." وهو ما يسعى إليه فخامة الرئيس عبر مواجهة الفساد بصرامة، وإرساء دعائم دولة القانون والمؤسسات.

ولا شك أن طريق الإصلاح ما يزال طويلاً، لكن الأهم أنه يخطو بخطى واثقة، يقودها رجل يمتلك عمق الدولة، وحكمة السياسي.

مشروع الإصلاح مستمر..

السياسة ليست مجرد مواقف آنية، بل التزام طويل الأمد بمشروع إصلاحي طموح وجسّد فخامة الرئيس في تجربته ما قاله الفيلسوف مكيافيللي:"قوة الحاكم في قدرته على كسب ثقة شعبه" .

وإن ما نحتاجه اليوم، أكثر من أي وقت مضى، هو أن تتحرر نخبنا من حسابات الخوف والقلق على المستقبل ، ومن وهم المصالح المؤقتة، لتلتحق بركب الإصلاح والتوقف عن النقاشات البيزنطية حول خلافة رئيس مازال في أوج انجازاته للوطن … فالزمن لا ينتظر المترددين.

 

عبد الله ولد زا گه

 

تصفح أيضا...