السفير عبد القادر ولد محمد يكتب : في سجل التطفل على مائدة التاريخ .. ( مناقشة لعنوان جديد  الهوية و الذاكرة في بلاد شنقيط ) 

أحد, 26/01/2025 - 14:56

ايام صدور  كتاب ،" الحركة الفكرية في بلاد شنقيط حتى نهاية القرن الثاني عشر الهجري لمؤلفه الاستاذ المؤرخ المتميز  عبد الودود  ولد عبد الله ( ددود شهرة )  علقت عليه بقراءة سريعة  ختمتها  بخلاصة مفادها بان " تبين خلفية الصراعات الفكرية في تلك الحقبة بايجاز متقون مع هوامش مفيدة من الإحالات و ملحق غني من المعطيات المرجعية معين على  فهم ما تلاها من تطورات في القرنين المواليين و  على ما يجري في يومنا هذا  خصوصا اذا تم سرده بطعم  مغري لامثالي من المتطفلين ( أصكاكطية ) .
و يبدو  ان شيئا ما  تكلم  على رأس لساني لانني لم اتردد  في  الاستجابة لدعوتي من طرف  الاستاذ  محمد سيدي احمد فال ( بوباتي ) مدير   مركز البحوث و الدراسات الانسانية( مبدا )  للمشاركة  في مناقشة كتاب الهوية و الذاكرة في بلاد شنقيط و هو  عنوان  جديد   جمع  به  الاستاذ ددود  بحثه المذكور أنفا  بعد ان عمقه مع بحوث قيمة سبق ان قرأت جلها او بعضها و جاء كل ذلك   ضمن مدونة شاملة لتاريخ الفضاء المسمى ( حسب العنوان ،)  ببلاد شنقيط  بابعاده الجغرافية   و البئيية  و الاقتصادية و الثقافية و اللغوية ..
و لعل ما دفعني  الى عدم التردد  في قبول الدعوة هو كون المؤلف شرفني مشكورا  كعادته بنسخة من كتابه  فوجدتها فرصة لاسمع منه و لاطرح عليه بعض الأسئلة  خارج الميكروفون    في  قاعة مغلقة لمركز للدراسات بالطابق الثاني من عمارة موريسانتر ( طبقا لما نصت عليه الدعوة ) لكن يبدو ان المركز  قرر  ان تكون ندوة   بقاعة كبرى  مع تغطية من وسائل الاعلام ( التي لا يعول عليها  في السترة )  و هكذا وجدت نفسي في حالة تطفل  على مائدة التاريخ  مع  الاخوين الفاضلين  الاستاذين الجامعيين القامتين  رئيس الندوة الاستاذ محمدو  بن امين و الاستاذ ددود .
 فصرت كمن يقدم  رجلا  الى الوراء خوفا من  عدم الكفاءة في حضرة اهل الفن  ثم  يقدم اخرا  الى الامام  رغبة في تناول  ما تم عرضه  على المائدة بشهية    و تمنيت  عكسا   لمقولة " الطكوطي ما يحمل صاحبه ) لو كان معي على المائدة   متطفلون اخرون .
 فلما أحيل الى الكلام بادرت بالقول  باني ساتحدث كما لو  كنت  اطأ   على البيض .( Marcher sur les œufs )
.. لانني  لست مؤرخا و اخشى الخوض في التاريخ       و ما قد يقود اليه من كلام مثير  لحساسيات المجتمع الاهلي المسكون  بغول  الفتنة  النائمة
... و اكثر  ما  اخشاه هو التحدث العلني في تاريخ اهل الخيام  الذي يدل عليه ما ورد في الاثر  ب " إنّ العبد ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسًا يهوي بها في النار سبعين خريفًا"
و قد سمعت مشاييخ الوسط المحظري ( الطلبه )  الذي احسب  عليه يبررون   عدم  دراستهم للتاريخ و تدريسه بضرورة تجنب الاثارة بحجة ان " ال ما خل الطلبه يجابرو  رد الفايتات ). 
 لكن اهتمامي ينصب بصفة خاصة على   تاريخ الفكر  الذي يعالجه  المؤرخ    الاستاذ ددود   في اعماله  باسلوب موضوعي  ضمن ما يسميه  تاريخ الفكر ( و هذا  حسب ما ارى مصطلح فضفاض ). 
ان  الاشكاليات المرتبطة  بتاريخ الافكار السياسية   و تاريخ الفقه و  ما صاحبه من صراع التيارات العقائدية مذ  عهد المرابطين الى تاريخ الدولة الوطنية مرورا  بالحلقة المفقودة التي تلت نهاية دولة المرابطين في هذه الربوع و طبعا بحقبة الإمارات و الكونفدراليات القلبية ..  كلها مواضيع جديرة باهتمام المتخصصين  في العلوم الانسانية او المهتمين بها  كما انها ترتبط بالواقع المعاش الذي يتطلب نظرة متعددة الابعاد و من هذا المنظور يمكن القول بان قراءة كتاب الهوية و الذاكرة في بلاد شنقيط  معينة على  فهم العقليات السائدة في مجتمعنا اليوم  و ما يترتب عليها من العلاقة بالسلطة او السلطان  " طاعة السلطان  " و بالفقهاء ( طبقا لقاعدة ديرها على رقبة عالم و امركها سالم )..
و بالجملة تجدر  الإشارة الى ان تاريخ الافكار السياسية و تاريخ القانون ( histoire du droit) كعلوم عصرية  في الدولة الوطنية تعتبر  امتدادا  لتاريخ لكيانات باسماء متغيرة ( دولة المرابطين،  مملكة غانا ، تراب البيظان ، بلاد التكرور  ، بلاد  شنقيط الخ ) ينبغي ادماجها منهجيا   في تاريخ موريتانيا.تلك   حسب رأيي   ضرورة وطنية    عبرت عنها  بمصطلح " تأميم  التاريخ " .
 فتاريخ بلاد شنقط هو جزء من  تاريخ موريتانيا  خصوصا ان التعددية الثقافية  للبلد التي تدل على تاريخ مشترك  بين الموريتانيين بمختلف اصولهم  حاضرة بكثاقة في كتاب "الهوية و الذاكرة في بلاد شنقيط " الذي كان بامكانه ان يسمى " الهوية و الذاكرة في تاريخ  موريتانيا " 

عبد القادر ولد محمد

تصفح أيضا...