رئاسيات 2024 والإحماءات المؤجلة ../ محمد أحمدو محمذ فال

سبت, 16/03/2024 - 09:29

 

وفقا لما أعلنه الأمين العام لوزارة الداخلية محمد محفوظ ولد إبراهيم قبل يومين فإن مائة وأربعة أيام هي التي أصبحت تفصلنا عن الشوط الأول من رئاسيات يونيو 2024، وهي فترة زمنية تبدو قصيرة بحسابات السخونة السياسية التي ترافق مثل هذه المناسبة عادة. 

الطبقة السياسية الموريتانية موالاة ومعارضة لا تزال مترددة - على غير عادتها - حتى الآن في الشروع في الإحماءات القوية التي تسبق الحملات الرئاسية إذا ما استثنينا مبادرات دعم من هنا، وبيانات تجييش من هناك، وهو تردد يمكن قراءته من زوايا متعددة بالنظر إلى واقع الحال في معسكري الموالاة والمعارضة. 

موالاة منقسمة 

 كل المؤشرات تؤكد أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي تشرف مأموريته الأولى على الإنتهاء قرر الإستفادة من حقه الدستوري في مأمورية ثانية، لكن محللين كثر يقولون إن رئيس الجمهورية الذي يوصف بالدهاء أصبح مع مرور الوقت يدرك أن حكوماته المتعاقبة جعلت البلد في وضع يشبه إلى حد كبير سيارة تسير بعجلات مهترئة.

رئيس الجمهورية الذي قيل إن مقربين منه خططوا للإعلان عن ترشحه للرئاسيات المقبلة في الأسبوع الأول من الشهر الجاري يبدو غير متعجل على مثل هذه الخطوة لأنه وبحسب المعطيات المتوفرة لا يزال يفضل التريث، ويتعامل مع الإعلان عن الترشح بعقلية الخبير الأمني الحذر الذي يرغب في الإستمرار مع إدراكه أن عددا من المحيطين به معيقون له، وعليه التخلص منهم كمرحلة أولى في رحلة الألف ميل نحو استعادة ثقة الموريتانيين في نظام حكمه.

 في معسكر الأغلبية الذي يتكون من متناقضات مصلحية لا يجمع بينها سوى دعم رئيس الجمهورية لا يزال التحرك الجدي نحو التحضير للرئاسيات خجولا بعض الشيئ، حيث لم يتجاوز هذ التحضير إلى الآن إعلان الحزب الحاكم تشكيل لجان للتواصل مع قواعده، وتنظيم حزب ترأسه وزيرة في الحكومة اجتماعا مع منتخبيه لحثهم على الإستعداد لدعم ترشيح رئيس الجمهورية لمامورية ثانية، ومن هنا كان لافتا قول السياسي المخضرم محمد جميل منصور الذي تحول إلى مساند للرئيس في الآونة الأخيرة إن الأغلبية الرئاسية تعاني من "ضمور في الاقتراحات" في مؤشر على أن الرئيس السابق لحزب "تواصل" أكبر أحزاب المعارضة يرغب في احتلال تياره الوليد والذي تشكل من شخصيات متنافرة إيديولوجيا مكانا متقدما داخل الدائرة الضيقة لاتخاذ القرار داخل السلطة مستقبلا.

مأمورية رئيس الجمهورية الأولى استهلها بخطاب ترشح حالم، لكن متابعين يرون أنه بعد أكثر من خمسة أعوام من هذ الخطاب يبرز ضعف ملاحظ في حصيلة إنجازات الرئيس الجمهورية في جميع المجالات باستثناء الشق الإجتماعي حيث استفادت بالفعل عشرات آلاف الأسر الموريتانية في المأمورية الاولى من تأمين صحي، ومساعدات نقدية منتظمة، واكتتاب الآلاف في قطاع التعليم. لذا فإن التحدي القائم أمام الرئيس في إعلانه المنتظر عن الترشح سيتركز على صياغة خطاب ترشح مقنع، والدفع بمساعدين يجمعون بين الكفاءة والفعالية إذا ما أراد إقناع الموريتانيين باستحقاقه لمامورية ثانية.

معارضة مستنزفة 

الدعوى القضائية التي رفعها المعارض البارز محمد ولد مولود قبل أيام ضد النائب بيرام الداه أعبيد بتهمة التشهير تلخيص جيد لحالة الإستنزاف التي عانت منها المعارضة الموريتانية في السنوات الخمس الماضية بفعل عوامل منها انفتاح نظام الرئيس ولد الشيخ الغزواني، وتراكم أحداث قوضت المصداقية البينية داخل قوى المعارضة.

حتى الآن أعلن النائب المعارض العيد ولد محمدن ترشحه للرئاسيات دون أن يعلن أي حزب معارض دعمه حتى الساعة في مؤشر على أن المعارضة ستخوض الرئاسيات المقبلة مع مترشحين متعددين مما سيضعف حظوظها في المنافسة الجدية على نيل المقعد الوثير في القصر الرمادي. 

في الساعات الماضية ترددت معلومات تشير إلى أن حزب "تواصل" أكثر أحزاب المعارضة تمثيلا في البرلمان يجري اتصالات مع المهندس محمد السالك ولد هيين المدير الأسبق لشركة "اسنيم" بهدف ترشيحه في الرئاسيات القادمة، وإذا ما صحت هذه المعلومات واتفق الطرفان فإن ولد هيين الذي يوصف بالتكنوقراطي، وله صلات بقوى مؤثرة اقتصاديا ومجتمعيا قد يجلب إليه ترشيحه للرئاسة أوساطا قريبة تقليديا من السلطة، مما سيضفي أجواء تنافس جدية على النزال الرئاسي القادم.

بعض قوى المعارضة لم تعلن حتى الآن عن أي موقف وسط تكهنات بوضع الكثير من المطبات القانونية أمام ترشح النائب المثير للجدل بيرام الداه أعبيد الذي حل ثانيا في رئاسيات 2019، كما أن المبادرة الأخيرة للرئيس الأسبق للبرلمان مسعود ولد بلخير توحي بأن زعيم حزب التحالف لن يكون داعما للرئيس ولد الشيخ الغزواني في الرئاسيات، أما موقف الزعيم التاريخي للمعارضة أحمد ولد داداه الذي يعيش حزبه تكتل القوى الديمقراطية صراعا داخليا من الرئاسيات فلم يتضح بعد.

محمد أحمدو محمذ فال

تصفح أيضا...