تقرير : رانيا الامين(smc)
زيارة الرئيس البشير الى روسيا يجب النظر اليها من عدة زوايا من بينها زاوية المحكمة الجنائية الدولية .فكثير من الدول العربية والأفريقية استقبلت الرئيس البشير في اوقات سابقة رغم توقيعها على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية ، لكن المكانة التى تتمتع بها روسيا ونفوذها الإقليمي والدولى يحمل عدد من الإشارات المهمة في هذا الجانب .
وتحمل استضافة روسيا للبشير دلالات عديدة لجهة أنها من الدول المؤسسة لنظام المحكمة الأساسي فقد كانت من اوائل الدول التي وقعت على معاهدة روما لتأسيس المحكمة الجنائية منذ العام 2000م غير أنها لم تصادق على تلك المعاهدة كما أنها إعترفت بأن المحكمة خلال الأعوام السابقة لم تصدر سوي اربع احكام في الوقت الذي أنفقت فيه أكثر من مليار دولار.
وكان السودان قد خاض معركة طويلة مع المحكمة الجنائية الدولية منذ مارس من العام 2009م وكان موقفه واضحاً بعدم التعامل مع المحكمة لجهة انها سياسية وليست قانونية وتبني استراتيجية لإسقاطها وقاد تحركات عديدة لحث دول القارة الأفريقية الموقعة علي ميثاق المحكمة على ضرورة الإنسحاب منها ، كما دأبت البعثات الدبلوماسية السودانية في الخارج بالتعاون مع الدول الصديقة على شرح موقف السودان والتركيز على ازدواجية المعايير في اداء المحكمة ، الأمر الذي اتاح الفرصة للدول الموقعة على ميثاق المحكمة للإنسحاب من النظام الأساسي للمحكمة بموجب المادة (127) والتى (تنص على أنه لأي دولة طرف أن تنسحب من النظام الأساسي بموجب إخطار كتابي يوجه إلى الأمين العام للأمم المتحدة ويصبح هذا الإنسحاب نافذاً بعد سنة واحدة من تاريخ تسلم الإخطار ما لم يحدد الإخطار تاريخاً لاحقاً كذلك).
ولاشك ان استقبال روسيا للرئيس البشير يعتبر قاصمة الظهر للمحكمة الجنائية لجهة أن روسيا دولة عضو في مجلس الأمن الدولي وأن المحكمة كثيراً ما تلجأ لمجلس الأمن لضمان تعاون الدول مع التحقيقات التي تجريها في جرائم الحرب والضغط على الدول التي لا تتعاون مع المحكمة.
تثبت الزيارة بما لا يدع مجالاً للشك ان قضية المحكمة الجنائية ذات ابعاد سياسية لها اسباب ومسببات متعلقة بالأجندة السياسية الدولية، فضلاً عن فساد المحكمة والمعلومات التي دارت حول تلقي المدعى العام السابق لها لويس اوكامبو للرشاوي وكذلك المدعية الحالية (فاتو بانسودا) المتهمة بذات القضايا وجميعها اسباب حتمت على الدول التي وقعت علي ميثاق المحكمة إعادة النظر والإنسحاب منها .
وكانت روسيا قد وجهت ضربة موجعة للمحكمة الجنائية الدولية باعلانها الانسحاب من عضويتها في
خطوة لم تكن ضمن حسابات المحكمة التي افاقت على قرار الرئيس الروسي فلادمير بوتين بأن روسيا لن تكن عضواً بالمحكمة الجنائية الدولية بناءاً على مقترح من وزارة العدل الروسية . حيث اوضح بوتن وقتها أن المحكمة فشلت تحقيق تطلعات المجتمع الدولي.
وشكل الإنسحاب الروسي ضربة موجعة للمحكمة الجنائية التي لم تفق بعد من صدمة انسحاب الدول الأفريقية (بورندي وجنوب افريقيا وغامبيا) بجانب أنها تترقب بتوجس قرار الإنسحاب الأفريقي الجماعي في فبراير القادم املاً في أن تعيد القارة الأفريقية حساباتها من الإنسحاب ، واعتبر المراقبون زيارة البشير الى روسيا بمثابة نصر لقرار السودان الذي يناهض قرارات المحكمة الجنائية وسياساتها.
لاشك ان زيارة الرئيس البشير الى موسكو ستفتح الباب على مصارعيه امام الدول التى كانت تتوجس من التعامل مع الرئيس البشير والسودان بسبب الجنائية كما أنه يرسل رسالة للقادة الإفارقة بالمضي قدماً في تنفيذ قرار الإنسحاب الجماعي.