يحبس عقلاء العالم، اليوم، أنفاسهم مخافة القادم ،فالأفق قاتم وبوادر الأزمة الاقتصادية جلية.
حرب إقليمية تستبطن حروبا بالوكالة وتضخم خرج عن السيطرة وصعود قياسي لأسعار المواد الأولية والطاقة والغذاء، تذبذب الأسواق المالية، هشاشة سلاسل التوريد ،وصراع تموضع جيو-إستراتيجي فكل المسلمات على المحك.
إنها سنن التدافع ،مؤشرات مقلقة،حار فيها خبراء الاقتصاد والسياسة.
البنوك المركزية في حالة عصف ذهني مستمر، دول العالم تبحث عن عقد تحالفات جديدة وتعزيز القائمة سعيا لدعم مناعتها الذاتية ومرونتها للصمود في وجه القادم القاتم.
كل دولة تبحث في نقاط قوتها وتداري وتعالج نقاط ضعفها وتغير تشريعاتها،إنها غريزة حب البقاء والاستمرار ،الدولة كالفرد تموت تشيخ وتندثر كما تولد وتتطور .
حركية التاريخ مصداقٌ وخير شاهد.
مواكبةً لهذا الحراك بدأت حكومتنا أسفارها!!
وزيرٌ حلّ بالحرمين وأدى عمرة في ذي القعدة وكتب مقالا في صحيفة الرياض، سيدي الوزير من يقرأ قليل وإن قرأ ففي الرفوف سعة عن مطالعة صحيفة الرياض وفي صحيفة الرياض ما يُغني عن قراءة مقال كتبه وزيرٌ يبحث عن إنجاز وينقصه التصور. بنيويورك حلت وزيرة … عبث الأقدار تمامًا كتلك التي أوصلتها للوزارة … اجتازت بحر الظلمات لحضور اجتماع روتيني تمتلئ، في الغالب، أجندة السفير، على تواضعها، عنه ويُوفد مستشاره .
وزير آخر سافر لجنيف ولعله أحسن الاختيار !!جنيف مدينة جميلة وهادئة وشعب في قمة المدنية حضر الوزير الاجتماع وطالب الجمع باعتبار اللغة العربية لغة رسمية وإعطاء الجامعة العربية صفة المُراقب!!
انتهت المُهمة ورجع معاليه !
كعادتها سافرت رئيسة الجهة سفرا اضطراريا لحضور تلك المؤتمرات البعيدة وعادت برئاسة المدن المتحدة!!انتخبت بالإجماع!!
صدقنا كِذبَتَنا وشرعت، حفظها الله، في استقبال التهاني مسار التعطش للإنجاز ،اما القبطان فقد سافر يوما لبلاد العاج وعاد استقبله عضو " غير بارز" من الحكومة!!!لعله كان الأقرب للمطار.
ساحل العاج دولة صديقة ورئيسها يستقبل نظراءه في كل زيارة ، حتى لو كانو في مجرد توقف فني …
صعد رئيسنا المنصة وخطب في القوم ثم جلس على الكرسي جنب وزيره وبعدها عاد لأرض الوطن!!
بقية المسؤولين ينتظرون دورهم في الأنشطة الخارجية !!
يؤدون حاليا جولة في القطاعات التابعة لهم .
اما الوزير الأول فقد جمع أعضاء حكومته وطالبهم بالالتزام بمواعيد الدوام!!!
تناسيتُ عناوين الأخبار العالمية ومؤشرات الأسواق المالية والتهديدات المتبادلة بين أقطاب العالم !!
تناسيت ذلك كله وتابعت نشرة أخبار الثامنة ، تابعتُ الوزير يُشيد بالتوجيهات النيّرة لسيادته ويصفق لنفسه في خطوة يتيمة نحو الاكتفاء الذاتي وقلتُ، في نفسي، لعلّها نِعمة الغفلة …فالناس في واد و نحن في واد آخر تائهون.
حفظ الله وطنًا لا ملاذ لي غيره ولا يطيب لي العيش خارجه وطنُ يستورد مأكله ومشربه يستورد دواءه وملبسه وطنٌ يستورد محروقاته تتقطع به الأسباب إن أُغلِق معبر بري.
وطن يقع في نهاية سلاسل التوريد … ورغم كل ذلك فهو وطن لا يهتم ….
محمد عالي امبخوخه