بعد سنتين من الابتعاد شبه الكامل عن الإعلام وتركه للمسؤولين الحكوميين، تتابعت خطابات الرئيس محمد ولد الغزواني فجأة بشكل ملحوظ فخلال العشرين يوما الأخيرة، تحدث ولد الغزواني في خمس أنشطة كبرى (الاستقلال – مهرجان مدائن التراث – إطلاق برنامج تكوين وتشغيل الشباب – برنامج التعدين الأهلي – قمة التعليم في دول الساحل )، وحضر ثلاثة أنشطة، ظهر فيها دون أن يتحدث، لكنه سجل من خلالها حضورا إعلاميا (تدشين مقر البرلمان الجديد – وضع حجر أساس حماية البيانات الشخصية – حفل تدشين رصيف الحاويات) وأجرى مقابلتين (الشعب – الاقتصاد والأعمال)، ونظم زيارتين خارجيتين خطب فيهما (الإمارات - تركيا)، وعقد اجتماعا غاضبا – ومتفلزا – مع كبار معاوينه، تم تناوله على نطاق واسع إعلاميا؛ أي ما مجموعه 13 خرجة إعلامية. بمعدل 3 انشطة إعلانية كل يومين؛ومع هذا السيل الجارف من الأنشطة الإعلامية، بعد كمون وابتعاد طويل عن مسرحه، يمكن تسجيل الملاحظات التالية:
1. الجدة، وربما القوة في الطرح، فقد تميزت كل خطاب من خطابات الرئيس بعنصر جدة من نوع ما، سواء تعلق الأمر بالفساد والحرب عليه، أو انتقاد الخطابات الشرائحية والقبلية، أو بإعلان مشاريع بعشرات المليارات من الأوقية للشباب، أو بدعم الاستثمار والمستثمرين، والدفاع عن المصالح الوطنية، وهي جدة وقوة وصراحة أعادت مستوى من الأول، وجددت أحاديث الإصلاح والتخلص من المفسدين، بل وأماني الضرب على أيديهم بيد من حديد، وأعطت شحنة إعلامية للخطابات الرئاسية كانت في أمس الحاجة إليها.
2. ملامسة هموم المواطن، من خلال التعليق – وبصراحة – على مجالات ومواضيع محل نقاش عام في الساحة، كموضوع اللحمة الوطنية والخطابات الفئوية، ومواجهة دعوات الاستعلاء الاجتماعي، وإنصاف الفئات الهشة والاعتراف بصراحة غير مسبوقة باختلال التراتبية الاجتماعية وظلمها، وكذلك مخاطبته اليوم لمشاعر المنقبين ورفع معنوياتهم بأن سواعدهم خلقت التوازن وأضافت للاقتصاد الوطني.
3. الوعي بأهمية الإنجاز، وهي ميزة لازمت تقريبا جميع هذه الخرجات الصامتة والناطقة، فحضور بعض الأنشطة دون كلام كان بمثابة تقدير للإنجاز الحاصل فيها، أو المتوقع منها، أو لأهميتها وتأثيرها.
4. إعلانات جريئة، كان أبرزها ما تضمنه خطابه حول الشباب، والإعلان عن 34 مليار أوقية مخصصة لتأهيل وتكوين وتشغيل الشباب، فضلا عن رسالته الموجهة للمستثمرين الأجانب التي جمعت بين الترغيب في مناخ ملائم والترهيب بالصرامة في احترام دفاتر الالتزام، وهي الرسالة التي عبر عنها بوضوح أكثر في مقابلته التي خصصها للمواضيع الاقتصادية.
هذه الخرجات أعطت حضورا إعلاميا إيجابيا للرئيس محمد ولد الغزواني، وجعلته يتملك المشهد الإعلامي بعد فترة من الغياب، وهو حضور سيكون له تأثير مهم إن أشفع بإجراءات عملية شارحة له (فخير الشروح الشروح العملية، وغالبا لن يطول الخلاف حولها إن وقع أصلا)، وحظي بمواكبة إعلامية أكثر احترافا، وتجاوز إعلام "الإشادة" – والإشادة فقط -، وسلم من مبالغات الشارحين التي يتجاوز حضورها حده (والشيء إذا تجاوز حده انقلب إلى ضده)، وقلل الوزراء من مزاحمتها بخرجاتهم المكررة.
الهيبه الشيخ سيداتي