هناك إجماع بين الأطباء على أن 80% من حالات الإصابات بفيروس كورونا كوفيد-19 ليست خطيرة. لكن إذا ما تطورت الأمور إلى مستوى الالتهاب الرئوي، فإن الأمر يختلف تماما، مما يعني أن الفيروس مخادع، ومع ذلك فإن عجوزا إيطالية عمرها 95 عاما قهرته دون أدوية.
وبشكل عام أربع حالات من أصل خمس من الإصابات بكورونا المستجد تظهر عليها أعراض خفيفة أو حتى قد تمر من دون أعراض. في المقابل تتطور الحالات المتبقية إلى مستوى التهاب الرئة. وإذا كان أصلا التهاب الرئة في تطوره التقليدي خطيرا جدا ويتسبب في آلام فظيعة للمصاب به، فإن الالتهاب الرئوي الناجم عن كوفيد-19 أشد بأسا وأكثر خطورة.
حالات الالتهاب الرئوي التقليدية المعروفة لدى الأطباء تكون عادة ناجمة عن بكتيريا تهاجم الجسم السليم وتستقر عند مستوى الحلق، تماما كما يحدث مع فيروس كورونا. عند تسلل هذه البكتيريا يقوم جهاز المناعة حينها بالدفاع عن الجسم، لكن إذا كان هذا الجهاز ضعيفا بسبب مرض مزمن أو حتى نتيجة للإصابة بالإنفلوانزا أو غيرهما، فإن البكتيريا حينها تكسب المعركة وتنقض على شعيبات الرئة.
وحسب موقع فيتبوك (Fitbbook) الألماني الذي يعنى بقضايا الصحة، فإن أهم ما يميز التهاب الرئة التقليدي أمران:
- السرعة في ظهور الأعراض، وهو ما يساعد الأطباء على التعرف عليه وبدء عملية العلاج في وقت وجيز.
- الأعراض: ارتفاع الحرارة، والشعور بالإجهاد، وتكدس المخاط في الحلق.
أما العلاج فيتركز على إعطاء مضادات حيوية لمدة أسبوع لقتل الجراثيم والبكتيريا في الجسم. وينصح الأطباء عادة المرضى بالخلود إلى الراحة والمكوث في الفراش. وعادة ما لا يستلزم الأمر الاحتفاظ بالمريض في المستشفى. كما أن العلاج يستمر من أسبوعين إلى ثلاثة.
مع كوفيد-19 الأمر مختلف
في المقابل، هناك طبيعة مختلفة لمسببات الالتهاب الرئوي غير تقليدي. الأمر هنا يتعلق بفيروسات. وفي حال الالتهاب الرئوي "كوفيد-19" على وجه الخصوص، فإن المسبب هو فيروس "سارس كوف 2"، وهو الاسم العلمي الذي منحته منظمة الصحة العالمية لفيروس كورونا المستجد.
الفارق الأساسي بين النوعين أن الفيروسات لا تصيب الشعب الهوائية كما هي الحال بالنسبة للالتهاب التقليدي المذكور أعلاه، وإنما تصيب الأنسجة التي تمر عبرها الأوعية الدموية، وهذا ما يؤدي إلى نزيف داخل هذه المسالك، ونتيجة للالتهاب يحدث انتفاخ.
إحساس بالغرق ببطء
نتيجة لهذا الانتفاخ والنزيف، تصعب يوما بعد يوم عملية الشهيق والزفير، وبالتالي فإن جسم المصاب لن يعود بإمكانه الحصول على القدر الكافي من الأكسجين، وخاصة أعضاء مثل الدماغ والعضلات والقلب والرئة، فهي تتأثر بقوة ولن يعود بإمكانها مباشرة وظائفها، بل قد تتوقف عن العمل.
ونتيجة للالتهاب أيضا، تتجمع السوائل داخل الرئة، وهو ما يوضحه مرضى كوفيد-19 حين يتحدثون عن إحساسهم بأنهم يواجهون ما يشبه الغرق ببطء. في هذه المرحلة يتوجب إيصال المرضى بأجهزة التنفس الاصطناعية حلا وحيدا لمساعدة الأعضاء على العمل إلى حين التحكم في الالتهاب ومحاربته. لكن كما هي الحال في إيطاليا، فإن أعداد المرضى فاقت الأجهزة المتوفرة، مما تسبب في كارثة إنسانية، حيث اقترب عدد الموتى ليوم واحد في إيطاليا من 800 حالة.
عجوز تنتصر
مع قدرات فيروس كورونا، إلا أن عجوزا من إيطاليا عمرها 95 عاما هزمته، لتعطي للإيطاليين أملا في القضاء على المرض الذي يحصد حياة الآلاف حول العالم. لكنها ليست الأكبر سنا بين من انتصروا على كورونا في العالم.
وكانت السيدة ألما كلارا كورسيني هي أول مريضة يُسمح لها بالخروج من المستشفى بمقاطعة مودينا الإيطالية بعد تعافيها من الفيروس. ورغم أن تعداد سكان بلدتها يبلغ 2000 شخص، حظيت حالة ألما كلارا تحديدا باهتمام الجميع، وفي مقدمتهم عمدة بلدتها ليرحب بعودتها عبر صفحته على موقع فيسبوك قائلا "أخبار سعيدة تعطينا الأمل. مرحبا بك يا ألما، أنت رائعة".
وكانت كحة خفيفة قد ظهرت على ألما كلارا من دون أي أعراض أخرى، ولكن لكبر سنها أدخلت للمستشفى فورا للاطمئنان عليها ليتم الكشف هناك عن إصابتها بفيروس كورونا.
ونقل موقع "تي أونلاين" الألماني عن صحيفة "غازيتا دي مودينا" الإيطالية، تقريرا يتحدث عن أنه على الرغم من تطور حالة ألما كلارا للأسوأ، لم يجرؤ أي من الأطباء على إعطائها أدوية مضادة للالتهاب خوفا من كبر سنها، لتتعافى السيدة وحدها ولا تحتاج لأجهزة طبية للحصول على أكسجين للتنفس.
وقالت السيدة للصحيفة الإيطالية "رغم عدد سنين عمري، ما زلت محاربة جيدة".
ولا يقتصر الأمر على إيطاليا فقط، إذ تفيد تقارير من دول مختلفة حول العالم بتعافي حالات من الإصابة بكورونا رغم كبر سن المرضى. فوفقا لوكالة الأنباء الإيرانية (فارس) تعافى رجل يبلغ من العمر 101 عام خلال الأيام القليلة الماضية، وسُمح له بالخروج من المستشفى.
وليس هذا المريض هو الأكبر سنا بين من تعافوا من فيروس كورونا، فوفقا لوسائل إعلام إيرانية، نجت سيدة يبلغ عمرها 103 أعوام من الفيروس وخرجت من المستشفى لتعود سالمة لمنزلها.
المصدر : دويتشه فيلله