منذ ظهور فيروس كورونا بداية عام 2020، ازداد الوضع سوءا بسبب ارتفاع حصيلة الخسائر البشرية والاقتصادية، لكن في خضم مروره المأساوي، يترك الفيروس آثارا جيدة أيضا، بحسب ما قالت الكاتبة "مانويلا داليساندرو" في تقريرها الذي نشرته "وكالة أدجي إيطاليا".
الهواء النقي
يبدو أن فيروس كورونا نجح في بضعة أسابيع بتحقيق الهدف الذي تسعى الحركة البيئية بصعوبة للوصول إليه.
ففي الصين، وثقت الأقمار الصناعية التابعة لوكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا)، انخفاضا كبيرا في تلوث ثاني أكسيد النيتروجين -أهم ملوثات الهواء وأكثرها شيوعا- وتحسنا عاما في الهواء بسبب القيود المفروضة على تفشي المرض.
كما طغت روائح الربيع على الرائحة التقليدية الكريهة للهواء في ميلانو ولومبارديا أيضا، وهي المناطق الأكثر تأثرا بالعدوى.
وتفاجأت وحدات شركة "أربا" -وهي شركة تقيس الضباب الدخاني- من تسجيل معدلات منخفضة بشكل كبير لتركيزات الغبار الناعم مقارنة بالمعدل الطبيعي، بشكل مستمر، بعد أكثر فصول الشتاء تلوثا في الأعوام الأخيرة.
العمل من المنزل
لم يكن العمل عن بعد أو العمل الذكي خيارا مقنعا تعتمده الشركات لمنح العمال هذه الحرية المختلفة عن ثقافة العمل الإيطالي.
ولاحظ عالم الاجتماع دومينيكو دي مازي أن العمل عن بعد أصبح "في أيام فيروس كورونا خطة للنجاة، وسيدرك المرء أنه من مكانه في المنزل يمكنه القيام بأشياء أكثر في وقت أقل".
كما أعربت لورا كاستيلي نائبة وزير الاقتصاد، عن أملها في أن يُتَبنى هذا الحل للحد من العدوى، كما أنه يمنح العاملين العديد من الفوائد، كالتوفير الاقتصادي والبيئي وتحسين نوعية الحياة.
العدالة المعلوماتية
محاولة التخلص من الملفات التي تملأ المحاكم وإنقاذ العدالة من تراكم المعاملات الورقية التي تجعلها أكثر تشابكا مما هي عليه الآن، تعود إلى أعوام عديدة، لكنها سبق أن لقيت مقاومة شديدة حتى من قبل القضاة.
ولأن كل المحاكم الإيطالية تأثرت بحالة الطوارئ، باتت الأمور تسير فجأة على نحو جعل الأوراق غير ضرورية، بعد الرغبة الملحة في تجنب الاتصال البشري، مما منح الاتجاه إلى الملفات الإلكترونية "الضوء الأخضر".
وقال المحامي ماتيو بيكوتي، ممثل الغرفة الجنائية في ميلانو، "نحن نواجه حالة من تباين الغايات هذه الأيام، وفي المجال الجنائي أيضا، فبعد أن كان إيداع الملفات إلكترونيا في السابق خيارا يكاد يكون منعدما، بات التوكيل الرسمي يفرض ذلك علينا، لأن المكاتب مغلقة من أجل تجنب العدوى".
إدراك الهشاشة
ويرى عالم الاجتماع في جامعة "ميلانو" باولو ناتالي أن فكرة بلوغ البشر مرحلة الكمال كانت موجودة، "وما قاد لهذا التوجه هو الثقة في الطب الذي يحقق قفزات كبيرة، ومتوسط العمر الذي يرتفع، والأمراض التي تم القضاء عليها؛ لكننا الآن ندرك أن هذا الأمر ليس واضحا تماما، ويكفي لعنصر غامض مثل الفيروس أن يجعلنا نرتعد".
إعادة اكتشاف الجسد
أدى النظام الرقمي لاختفاء تدريجي للجسد، كما لو أنه اختزل بإصبع للضغط على المفاتيح. وهنا يذكرنا فيروس كورونا بأمرين، هما: أن الجسد يتكون من اللحم، وأن علينا استعادة القواعد القديمة للأجداد، مثل غسل الأيدي والسعال في باطن المرفق وتجنب العطس في وجوه الناس.
المصدر : الصحافة الإيطالية