ثار الطفل البلجيكي "لوران سيمونز" انتباه العالم في الأيام القليلة الماضية، بعدما أُعلن أنه سيتخرج في ديسمبر/كانون الأول القادم من جامعة آيندهوفن للتكنولوجيا حاصلا على بكالوريوس الهندسة الكهربائية، بينما لم يتجاوز عمره بعد تسع سنوات.
وبحسب تصريح والدي سيمونز لسي.إن.إن، فإن الطفل كان قد أظهر قدرات عالية للغاية من سن صغيرة جدا، مما دفع مدرسيه لتحدي تلك القدرات عبر اختبارات متتالية لتوقع مستواه، ثم ظهر بالفعل أنه قادر على اجتياز أعقد الاختبارات الجامعية.
طفل عبقري
حالة لوران سيمونز نادرة جدا، لكنها موجودة، ومن حين لآخر يخرج أحدهم بقدرات دماغية استثنائية، وكنا قد شهدنا حالة شبيهة في الوطن العربي قبل عدة أشهر للطالب المصري عمر عثمان، الذي كان قد حصل على درجة الدكتوراه في الرياضيات عن عمر 22 سنة فقط.
عمر الذي أظهر نبوغا في الرياضيات من سن صغيرة، عرض عليه أساتذته في المرحلة الإعدادية أن ينتقل للدراسة في الجامعة الألمانية بالقاهرة لأنه في مستوى جامعي، وقد اجتاز اختبارات العام الدراسي الأول بنجاح، وفي العطلة الصيفية في المرحلة الثانوية التحق بإحدى المدارس الفرنسية للرياضيات، ومن هناك استكمل طريقه.
تسمى تلك الحالة بـ"الطفل العبقري" (Child prodigy)، وهو طفل يمتلك مهارات الكبار في سن صغيرة تحت عشر سنوات.
وبحسب دراسة صدرت في دورية "نيتشر نيوروساينس" عام 2001، فإن التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني لدماغ مجموعة من هؤلاء الأطفال، تشير إلى أنهم يفكرون بشكل مباشر عن طريق ذاكرة عاملة طويلة الأمد، وهو ما يسمح لهم بالاحتفاظ بكم كبير من المعلومات ومعالجتها بدرجة سهولة أكبر.
أظهرت الدراسة كذلك تطورا واضحا في نطاق القشرة البصرية الدماغية، وهي المنطقة من القشرة الدماغية المسؤولة عن معالجة المعلومات المرئية (الصور والمسافات)، وتقع في الجزء الخلفي من الدماغ.
و"الذاكرة العاملة" هي إحدى الوظائف التنفيذية الدماغية الأساسية، وتعمل على معالجة المعلومات، ثم تصنف الذكريات كقطع وتربط فيما بينها، بذلك نتمكن من أداء وظائف معقدة وفهم أفكار عميقة، بمعنى أنها تؤثر على ذكائنا بشكل أساسي.
دماغ استثنائي
أما الدكتور لاري آر فاندرفيرت من الجمعية الأميركية لعلم النفس، فيدعم توجها بحثيا -عمل عليه خلال عقد مضى- يرى أن منطقة المخيخ بالأساس هي المسؤولة عن تلك القدرات، ليس لأنها تخلقها ولكن لأنها تسرع من عملها عن طريق ما يشبه "الدفقة العاطفية" التي تدفع بالطفل للتفوق.
من جهة أخرى، فإن فريقا بحثيا من جامعة أوهايو يرى أن الأطفال العباقرة هم فرصة جيدة جدا لفهم -وربما علاج- مرض التوحد. وفي كتاب صدر عن الجامعة عام 2016 بعنوان "ابن عم الطفل العبقري"، يوضح الباحثون بأسلوب ميسر أننا يمكن أن نقول إن الطفل العبقري هو طفل "كان من المفترض أن يصاب بالتوحد، لكنه لم يفعل".
وبالتالي -من وجهة النظر تلك- فإن غياب التوحد سمح للمهارات الأخرى التي غالبا ما تصاحبه، وهي مواهب إبداعية بالأساس، أن تتفرع وتتنوع وتنتشر في بيئة خصبة، وهنا يرى فريق جامعة أوهايو البحثي أن فحص الأطفال العباقرة بدرجة أكبر من الدقة، ربما يكشف يوما ما عن أسباب التوحد ويوجد علاجا له.
المصدر : الجزيرة نت