نظرا للجدل القانوني المحتدم حول المادة : 38 من الدستور ومدى امكانية
إعمالها لتمرير التعديلات الدستورية المزمعة ، ونظرا الى ان كل ماسمعت حول هذه المسألة من اراء قانونيين واساتذة احترمهم ، الا انها كانت في أغلب الاحوال تعبر عن مواقع ومواقف اصحابها ، وهذا ما جعلني اتجرأ على الكتابة في الموضوع ليس لخبرة وتضلع ، ولكن لانني أرى انه يمكنني ان امتلك ما افتقد هؤلاء التجرد والحياد .
فالمادة 38 تقول بالحرف : لرئيس الجمهورية ان يستشير الشعب عن طريق الاستفتاء في كل قضية ذات اهمية وطنية .
فعند استنطاق هذه المادة نجد انها تضمنت عبارات تفيد الاطلاق والشمولية مثل عبارة كل قضية ذات اهمية وطنية باسلوب نكرة يفيد الاحاطة بكل القضايا التي يمكن للرئيس استشارة الشعب حولها بما في ذلك مبادرة تعديل الدستور .
غير ان هذه المادة ليست الا لبنة من بناء قانوني متكامل ، وقد جاءت في اطار نص دستوري زاد على مائة مادة ، وبالتالي لا يمكن على الاقل بالنسبة لاهل الاختصاص تأويلها او فهمها بمعزل عن بقية المواد .بل بمعزل عن المبادئ العامة للقانون وعن مثيلاتها في دساتير بعض الدول المشابهة .
وعلى هذا الاساس وعندما حاولت فهم المادة 38 في اطارها ، لم استطع التوصل الى فهم قانوني يفيد امكانية اعمالها بخصوص مراجعة الدستور وذلك بالنظرالى امور من اهمها :
- ان الدستور تضمن المواد : 99، 100 ، 101 التي وردت في باب مستقل الباب الحادي عشر تحت عنوان : حول مراجعة الدستور ، وبالتالي فلا يجب العدول عن هذه المواد الى غيرها ونحن بصدد مراجعة الدستور او تعديله .
- ان هذه المواد خاصة قد تضمنت النص على امكانية استفتاء الشعب بشأن مراجعة الدستور تحديدا، على خلاف المادة 38 التي شارت الى مسألة استفتاء الشعب حول كل قضية ذات اهمية وطنية ، ولو لم تكن هذه القضية تتطلب تعديل الدستور وبالتالي فهي اعم ، والخاص يقيد العام او يلغيه كما يحبذ البعض .
- واذا نظرنا الى نظيرات المادة 38 في دساتير بعض الدول التي تشترك معنا في الفقه القانوني نجد انها تشترط ان لا تكون القضايا المعروضة للاستفتاء
بموجب هذه المادة مخالفة للدستور .
فقد نصت المادة : 81 من دستور الجمهورية التونسية لسنة 2014 على انه : لرئيس الجمهورية ان يعرض على الاستفتاء مشاريع القوانين المتعلقة بالموافقة على المعاهدات او بالحريات وبحقوق الانسان ، والمصادق عليها من قبل نواب الشعب وغير المخالفة للدستور بناء على قرار من المحكمة الدستورية .
كما تضمنت المادة 11 من الدستور الفرنسي الحالي ان رئيس الجمهورية يمكنه ان يعرض على الاستفتاء مشاريع قانونية تتعلق بتنظيم السلط او بالسياسةالاقتصادية والاجتماعية والبيئيةللامة او بالمصادقة على معاهدات دولية شريطة ان لا تكون مخالفة للدستور ,
وعليه فان شرط عدم مخالفة الدستور، يخرج من مدلول هذه المادة امكانية استخدامهاللاستفتاء على مراجعته .
هذا ببساطة هو ما ارى وما افهم لحد الان ، ولكن لا اتمسك به ولا اتعصب لهاذااطلعت على ماهو اقرب منه للصواب .
مع كافة التحفظ
ذ/ السالك ولد النن
محامي لدى المحاكم .