قد يجهل كثيرون أن عباس بن فرناس، أوّل من حاول الطيران في العالم، كان رجلا أمازيغيا من سكان الأندلس.
ما تذكره المراجع وكتب التاريخ والمناهج المدرسية هو أن اسمه عباس بن فرناس وأنه حاول الطيران لكنه فشل وسقط، ما تسبب في موته. لكن هناك معلومات أخرى تُكمل معالم صورة هذا الرجل.
1. من موالي بني أمية:
اسمه الكامل أبو القاسم عباس بن فرناس بن ورداس التاكرني، أسرته أمازيغية، وكانت من عبيد بني أمية الذين حكموا الأندلس.
ولد في القرن التاسع الميلادي، وتحديدا سنة 810، بمدينة تاكِرنّا في قرطبة بالأندلس، وفيها درس القرآن وعلوم اللغة والشعر والرياضيات والفلك والكيمياء والفلسفة.
وعن نسبه الأمازيغي هذا، يورد الكاتب ابن سعيد المغربي، في كتاب "المغرب في حلى المغرب"، ما يلي: "ذكر ابن حيان: وهو مولى بني أمية، وبيته في برابر تاكرنا".
2. اشتهر بالشِعر قبل الاختراع:
عُرف بن فرناس بأنه حاول الطيران من خلال صناعته جناحين، لكنه كان قد برع من قبل في كتابة الشعر، وكان يلقيه أمام الحكام، فكان كثير التردد على مجلس الحاكم عبد الرحمان ثم خليفته محمد.
كان بن فرناس مقربا تحديدا من الحكم بن هشام وابنه عبد الرحمان وحفيده محمد بن عبد الرحمان بن هشام بن الحكم، وذلك بسبب شِعره، حتى لقّبوه بـ"حكيم الأندلس"، كما برع أيضا في فنون الموسيقى والعزف.
يقدم مقال عن جامعة هيوستن الأميركية على أنه كان ضمن الشخصيات المُهندسة للاختراعات، موردا: "لقد التحق بهذا العالم الرائع، شاب مليء بالأفكار، إنه شاب بربري فلكي وشاعر اسمه عباس بن فرناس".
3. اخترع ساعة وقلم حبر:
اخترع عباس بن فرناس ساعة مائية سماها "الميقاتة"، وصنع آلات لمراقبة حركة النجوم، كما كان أول من صنع قلم حبر، ودرس الأعشاب ليستعملها في التطبيب.
كما استنبط، وفق ما ذكره الباحث ابن سعيد المغربي في كتابه "المغرب في حلى المغرب"، طريقة لصناعة الزجاج من الحجارة، وهي الطريقة التي ما زالت معتمدة إلى اليوم.
4. سافر إلى العراق ويتقن اليونانية:
جاء ذكر ابن فرناس في المجلد الثاني عشر من الموسوعة العربية، موردة ما يلي: "يذكر المستشرق بروفنسال في دائرة المعارف الإسلامية أن عباس بن فرناس رحل إلى العراق ثم عاد منها إلى الأندلس، وهو يحمل كتاب 'السند هند' في الرياضيات، وأتقن الموسيقى وصناعة بعض آلاتها".
وتتابع الموسوعة عن ابن فرناس: "وأجاد العمل بالرسم الهندسي حتى غدا من المهندسين المعماريين، وبرز بالشعر وقول الموشحات وتلحينها وغنائها مشاركة على آلة العود، إضافةً إلى براعته وإتقانه اللغة اليونانية وترجم بعض كتب الفلسفة والموسيقى عنها إلى العربية".
5. كانت محاولته في الطيران ناجحة ولكن..
قبل أن يطير ابن فرناس، درس ثقل الأجسام وتأثير الهواء فيها وخصائص الأجسام بعد أن يلامسها الهواء، باعتباره فيزيائيا وعالم فلك أيضا.
وعن محاولته الطيران، كتب عنه الكتاب ابن سعيد المغربي في كتابه "المغرب في حلى المغرب" ما يلي: "احتال في تطيير جثمانه، فكسا نفسه الريش على سرق من حرير، فتهيأ له أنه استطار في الجو، واستقل في الهواء محلقاً فيه، حتى وقع على مسافة بعيدة مكسوراً".
حاول بن فرناس الطيران من مسجد قرطبة الكبير أمام جمع من الناس، واستطاع فعلا أن يطير إلى مسافة معتبرة، لكنه لم يحسب حساب الهبوط، فلم يصنع ذيلا للجناحين الذين طار بهما، فكانت محاولة هبوطه فاشلة سببت له كسورا في ظهره.
وكتب المؤرخ خير الدين الزركلي في موسوعة الأعلام، بعدما أكد جوانب أخرى أوردتها مراجع أخرى، أن بن فرناس "أراد تطيير جثمانه فكسا نفسه بالريش ومد له جناحين طار بهما في الجو مسافة بعيدة، ثم سقط فتأذى ظهره لأنه لم يكن له ذنب ولم يدر أن الطائر إنما يقع على زمكه، فهو أول طيار اخترق الجو. ولبعض شعراء عصره أبيات في وصف سمائه وفي طيرانه".
6. لم يمت فور محاولته الطيران:
عاش بن فرناس بعد محاولته الطيران 11 عاما وهو يعاني من آثار تلك السقطة إلى أن غادر الحياة سنة 878 بقرطبة، لكنه فتح بمحاولته تلك بابا واسعا أمام كل من جاء بعده في عالم الطيران.
وتكريما لبن فرناس، أطلقت وكالة الأبحاث الفضائية الأميركية "ناسا" اسمه على فوهة قمرية تُعرف بفوهة "بن فرناس القمرية".
وأُطلق اسمه على فندق مطار طرابلس بليبيا، وفي العراق وُضع له تمثال على طريق مطار بغداد الدولي، وسمي مطار آخر شمال بغداد باسمه.
وفي إسبانيا، افتُتح جسر عباس بن فرناس بمدينة قرطبة على نهر الوادي الكبير، وفي منتصفه تمثال له، أما في مسقط رأسه رندة فافتُتح مركز فلكي يحمل اسمه.
المصدر: أصوات مغاربية