مقابلة مع الكاتب ثروة أباظة

سبت, 20/07/2019 - 18:18

نقلا عن  

 دعوة الحق

العددان 179 و180

يعتبر الأستاذ ثروت أباظة من أبرز كتاب الرواية المعاصرة في مصر والعالم العربي، وهو الآن واحد  من كبار كتاب صحيفة« الأهرام» « القاهرية» حيث يطالع القراء صباح كل ثلاثاء بمقال سياسي أو اجتماعي على درجة ملحوظة  من الأهمية، لتركيز على قضية الحرية والأصالة الفكرية، وانتقاد مظاهر الطغيان الفكري والسياسي والاجتماعي. وبالإضافة إلى هذا فإنه يرأس تحرير القسم الأدبي بالأهرام أيضا، كما أنه يرأس تحرير مجلة « القصة» الفصلية التي تصدر عن نادي القصة بالاشتراك مع الهيئة المصرية العامة للكتاب.
 ومما هو جدير بالذكر أن ثروت أباظة من عائلة أدبية فوالده  هو الأستاذ إبراهيم الدسوقي أباظة – رحمه الله- وكان أدبيا معروفا بجانب نشاطاته السياسية في الوزارة والمجلس النيابي. كما أن عمه وولد زوجته « عزيز أباظة» كان من أشهر الشعراء المعاصرين، قبل أن ينتقل إلى رحمة الله-
وينتمي الأستاذ ثروت أباظة إلى الحسن الإسلامي الأصيل، ويبرز في أدبه ميل واضح إلى القيم الإنسانية العليا، التي حض عليها الإسلام، وأمر بها.
وفي هذا اللقاء الذي استمر حوالي ساعة تحدث الأستاذ ثروت أباظة عن أكثر من قضية، وأكثر من موضوع .. وقد بدأ حديثه قائلا:
« الإسلام هو الدين الوحيد الذي يستطيع أن يواكب الحضارة العالمية مهما تتقدم، فليس هناك دين كرم الإنسان واحترام التفكير عنده كما كرام الإسلام الإنسان، والتفكير الإنساني. فمن حقنا نحن المسلمين أن نشرف دائما أننا مسلمون، وأننا نقف تحت هذا اللواء الشامخ الذي يصل السماوات العلا بأرض الحياة .. »
ولقد سألته، هل تعتبر نفسك كاتبا إسلاميا، أو معبرا عن التصور الإسلامي في رواياتك؟
فأجاب قائلا:
« أعتبر نفسي كاتبا إسلاميا في رواية « لقاء هناك» وكذلك في رواية « شيء من الخوف» على أساس أن الإنسان عند الإسلام هو « الحرية»، وأعتبر نفسي، في كل ما كتبت كاتبا مسلما، وأن لم أكن كاتبا إسلاميا.. »
وهنا سألته: 
- ما الفرق إذا بين الكاتب المسلم والكاتب الإسلامي؟
« الكاتب المسلم هو الذي يصدر في كل ما يكتب عن روح الإسلام، ولا يخرج عن الإطار العام الذي يحدده الدين القويم. وأما الكاتب الإسلامي فهو الذي يرصد نفسه لتفسير الدين وشرح تعاليمه. ولست ذلك الرجل للأسف»؟
ومن هنا طرحت عليه سؤالا آخر:
- كيف ترى الرواية المعاصرة عندنا داخل الإطار الإسلامي؟ وإلى أين مدى استطاعت التعبير عن المفهوم أو المفاهيم الإسلامية؟
قال:
«أرى هذا التعبير عند نجيب محفوظ في رواياته التي أفردها البحث عن الإيمان والتي بدأت « بأولاد حارتنا»، واستمرت حتى أعلن إيمانه في رواية « الطريق». ثم أعلن إيمانه الإسلامي في رواية «الشحاد». واعتقد أن نجيب يمثل وجها من أهم وجوه الرواية في العالم العربي. وأعتبر كتب«مصطفى محمود» الأخيرة من أهم الكتب الإسلامية التي استطاعت أن تتحدث إلى شباب الجيل. فقد وصل مصطفى محمود إلى اللغة المشتركة بينه وبين الشباب واعتبر أيضا أن المرحوم عبد الحميد جودة السحار أهم قصاص إسلامي، وخاصة فيما كتبه عن حياة النبي عليه الصلاة والسلام، والذين معه، في أجزائها العشرين، وقد كان العرض فيها عرضا قصيصا أما محمد عبد الحليم عبد الله، فهو كاتب مسلم في كل ما قدم من روايات، وهو كاتب إسلامي في روايته: «الباحث عن الحقيقة». هذا عن الجيل الثاني والثالث أما جيل العمالقة، فلا نستطيع أن نوفيه حقه من التقدير في هذا المضمار، وبحسبنا أن نذكر أعمال الدكتور محمد حسين هيكل، وعبقريات العقاد ومحمد لتوفيق الحكيم، وإسلاميات طه حسين، وهذا على سبيل المثال لا الحصر. ولا أرى في الأجيال التالية – بعد الجيل الثالث- شيئا يستحق الذكر».
وانتقلنا بعدئذ إلى تناول قضية الساعة في مصر،  حيث يدور الصراع حول الإسلام والماركسية البغض يعتقد بسوء نية أو بسذاجة أنه من الممكن أن يكون المرء مسلما وماركسيا في آن واحد ! ولكن ذلك وفق التصور الإسلامي مستحيل بالطبع وقد تحدث الأستاذ ثروت فقال:
«الواقع أن الماركسية في العالم العربي، تأخذ أكثر من حجمها بعاملين. العامل الأول: أن الهاتفين بها يتمتعون بصفاقة معدومة النظير، والعامل الثاني: أن لهم أصوتا نكيرة مرتفعة، ولكن هذا أو ذاك لا يستطيع أن يغطي الحقيقة التي تظهر دائما في كل انتخابات سواء كانت انتخابات عامة أو انتخابات خاصة لاتحادات نقابية أو مهنية، ومن أدلة صفاقتهم محاولتهم التمسح بالإسلام، وهم يعرفون أن مذهبهم ينكر الأديان جميعا، وفي مقدمتها الإسلام، ولصوتهم النكير المرتفع. وجدوا قوما بلا ثقافة، ويريدون أن يدعوا الثقافة، وهؤلاء موجودون للأسف في بلاد عربية ويلبسون ثياب الشيوعية ظانين أنها تكسيهم مظهرا ثقافيا. ولو تعمقوا ثقافتهم لعرفوا أي ثوب مهلهل يرتدون. وحسبي وحسبك ما حدث في الأحزاب الشيوعية الغربية. لقد تنازلوا عن أهم مبادئ  الشيوعية ليحصوا على أصوات كثيرة في الانتخابات،  وهو مبدأ حكم البروليتاريا الذي أنكره الحزبان أيضا. وأريد أن أعرف: ماذا بقي بعد هذا من المذهب الشيوعي؟ فهم إذا في أحزاب أوربة الشيوعية يحتضنون الديمقراطية ليحصلوا على الأصوات أكثر للشيوعية. وفي روسيا لجأوا إلى أمريكا وإلى فرنسا لإقامة منشآت هناك. لأن سياسة الحزب الشيوعي فشلت اقتصاديا فالمذهب الشيوعي إذا أفلس إفلاس تاما، ولم يبق له معقل إلا الصين التي يمكن فيها أن يقبل مذهب يجعل الإنسان آلة لأن الإنسان في الصين أقل من آلة..»
ثم استطرد الأستاذ ثروت أباظة قائلا:
«وهذا المذهب أيضا في الصين في سبيله إلى التحلل بعد موت ماوتسي تونج، فأنت في كل يوم تقرأ عن الانتفاضات التي يكيد بها بعضهم لبعض، وما ظنك بمذهب لا يستطيع الاستمرار إلا لوجود شخص معين؟ فإن قارناه بالإسلام وكبرت هذه المقارنة، فأنت تعلم أن الدين الإسلامي ازدهر وانتشر بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام، لأنه دين حق يخاطب العقل والقلب. أما هذه الفقاعات فلم تتحمل امتحان ستين عاما».
وفي نهاية لقائي معه سألته عن أخباره الأدبية، فقال لي:
« انتهيت من رواية« أوقات خادعة» التي تنتشر مسلسلة الآن بمجلة أسبوعية. وأكتب رواية جديدة اسمها- خائنة الأعين» ناظر فيها إلى قوله تعالى- يعلم خائفة الأعين وما تخفى الصدور ولكنها ليست رواية إسلامية».
وقد وجهت له الشكر باسم « دعوة الحق» على تفضله بهذا اللقاء والإجابة على الأسئلة التي طرحت عليه.

تصفح أيضا...