ملتنا الإسلامية ملة شاملة مفصِلة مبينة لكل تعاليمها وفروضها، ولا غرابة إن كان للصلاة نصيب الأسد من التبيين والتفصيل، فهي عماد الدين، ومن ثم فقد تمت العناية بها، وبكل ما يتصل بها من سياق، الشيء الذي سنتناوله الليلة حين الحديث عنه "أبواب صفة الصلاة " من البخاري والذي يحتوى على أربعة وثمانين بابا كلها مبينات لتلك الصفات وتتعلق بها بشكل أو بآخر.
لم يفتتح المؤلف حزمة الأبواب هذه بآية قرآنية؛ وذلك لافتتاح الكتاب كله بها أو لربما عدم بسط تفاصيل الصلاة قرآنيا؛ ليكون الانضباط سمة الشرع، وهدف الشارع كما يتجلى من بداية الأبواب "إنما جعل الإمام ليؤتم به"، ثم تحدثت الأبواب الستة الأولى عن كيفية وضع اليدين في الصلاة: رفعهما عند التكبير، وجهة رفعهما، ووضع اليمنى على اليسرى ونحو ذلك، كل هذا قبل باب الخشوع في الصلاة، وعلاماته الحسية، وصفاته النفسية، وما يخالفه مثل: "الالتفات في الصلاة ".
أما الأحاديث العشرة الموالية فتبين أنماط القراءة في الصلاة؛ قراءة المأموم، ومواطن الجهر السر، و وأوقات التطويل والتقصير في المقروء، والتأدب مع القراءة؛ وما يتحمله الإمام عن المأموم، وما ينبغي للمأموم أن يسمع من قراء الإمام، إضافة إلى بيان فضل التأمين.
إن أحاديث باقي الأبواب لتفصل العلاقة بين الإمام والمأموم، وترصد أوضاع صلاتيهما، وما يرتبط بصلاتيهما من لباس وفراش، ليختم الباب بخاتمة الصلاة التي هي السلام؛ حيث تم الحديث عن شكله وصفته وصيغته، وطريقة جلوس الإمام بعده "التفات الإمام على المصلين "
وفي أثناء ذلك تحدثت الأحاديث عن وضوء الصبيان، وطريقة صلاتهم، وحضورهم مع الكبار، كما تطرقت الأحاديث إلى صلاة النساء، وانصرافهم قبل المصلين في صلاتي العشاء والصبح.
إن جل أبواب "صفة الصلاة" ليشرح شمولية الرسالة السماوية، وسمو أهدافها، ونبل غاياتها؛ الشيء الذي يتجلى في تفاصيل كل شعيرة: "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ".
تتأكد قيمة التفاصيل وحيثيات الشروح ؛وخفيات الحكم حينما تفصل حاجيات الزمن قيما وفوائد لتلك الملحوظات والتفصيلات طبيا واجتماعيا واقتصاديا..
والله بصير بعباده؛وهو بهم عليم خبير
وصدق الله ورسوله
الدكتور :افاه ولد الشيخ ولد مخلوك