تاريخ الفساد..
للمواطن الموريتاني حق في عنق كل الذين تولوا مهام رسمية عليا في الدولة منذ الجمهورية الأولى إلى اليوم، وهو أن "يؤرخوا" للحقبة التي ساهموا في كتابة تاريخها لنبني ذاكرتنا عن الشأن العام على قواعد مقبولة. فليس من المقبول أن يظل الخوض في قضايا لها تأثيرها العميق في حياتنا، مثل الفساد المالي والإداري، في نطاق الشائعات، والاتهامات دون دليل... هناك قضايا فساد كبرى تم تناولها باقتضاب في بعض المؤلفات، مثل الفساد في وزارة الصيد في الجمهورية الأولى الذي ذكره حميد الموريتاني (محمد ولد الشيخ، رحمه الله) في كتابه المتقدم على زمانه (L'Indépendance néocoloniale)، وذكرها، في مذكراته، أمين عام الوزارة في ذلك الحين الذي استقال بسببها، عبد الله ولد سيديا ولد أبنو (Quarante ans au service de l’Etat mauritanien)، كما ذكر فضيحة الفساد في سونمكس، وقد كان مديرها العام، إبان الجمهورية الثانية، وقد أقاله صديقه الرئيس معاوية خوفا عليه أن "تقتله المافيا". يورد ولد أبنو في مذكراته أن ذلك كان تعليل ولد الطايع لإقالة صديقه!!!
غير أن فضائح الفساد الكبرى وقعت في الجمهورية الثانية، وفي الفترة الانتقالية، خاصة ما تعلق ببيع ممتلكات الدولة لمقربين بأثمان بخسة، مثل بيع شركة التأمين سمار، الإفلاسات المتكررة لشركة الخطوط الموريتانية، وقضايا الفساد في قطاع الصيد، والتنمية الريفية، والنفط والمعادن، وعقود الإنشاء والتوريد... وغيرها من الملفات التي آن وقت فتحها للتاريخ كي يعرف الموريتانيون الحقيقة، وتتوقف الشائعات التي ربما لطخت أبرياء، وبرأت مجرمين...
نحن بحاجة إلى كتابة "تاريخ الفساد" كتابة موثقة...