تعيش ولاية تيرس الزمور في أقصى الشمال الموريتاني، التي تقع على الحدود مع الجزائر، منذ أكثر من شهر على وقع عمليات التنقيب السطحي عن الذهب، بعد أن سمح الجيش بالتنقيب داخل جزء من المنطقة العسكرية المغلقة، التي حارب فيها قبل سنوات الجماعات المسلحة في منطقة الساحل، وعصابات التهريب التي تنشط بالمنطقة.
ويصل عدد المنقبين عن الذهب إلى 17 ألف منقب، تم الترخيص لهم بشروط معينة في منطقة تسمى ”أكليب اندور“، داخل المنطقة العسكرية المغلقة، ويبيع هؤلاء إنتاجهم من الذهب حصرًا للبنك المركزي الموريتاني.
حاجز المليار أوقية
بلغت مداخيل المنقبين عن الذهب في ولاية تيرس الزمور خلال 5 أسابيع، أكثر من مليار أوقية، بحسب ما أكده مستثمرون وكشفت عنه مصادر في فرع البنك المركزي الموريتاني بمدينة أزويرات عاصمة الولاية (واحد دولار يساوي 340 أوقية).وقالت مصادر، إن كمية الذهب التي تمكن المنقبون حتى الآن من استخراجها بعد أكثر من شهر على انطلاق عمليات التنقيب في الولاية، زادت عن 90 كيلوغرامًا.
وتتعاون السلطات الموريتانية مع فرع المكتب الدولي المتخصص GOLD في موريتانيا ”شامي كولد“، من أجل تحديد معيار الذهب ووزنه، ويعتمد البنك المركزي الموريتاني في تحديد سعر غرام الذهب للمنقبين الذين يبيعون إنتاجهم له، انطلاقًا من سعر يتجدد يوميًا حسب بورصة لندن.
ويصل سعر غرام الذهب في أفضل حالاته إلى مبلغ 15 ألف أوقية، وقد يتراجع دون ذلك، غير أن السوق السوداء تشكل منافسًا كبيرًا للبنك المركزي، وهو ما تسعى السلطات للحد منه، من خلال قرار يحظر على المنقبين بيع ما يستخرجونه لغير البنك.
ويتراوح عيار الذهب الذي تمكن المنقبون من استخراجه حتى الآن، ما بين 22 و 23، مع وجود عيار 24 الأغلى سعر، لكن اكتشافه ما يزال نادرًا حتى الآن.
وحسب الصحفي الموريتاني، سيدي أحمد ولد بوبكر سيرى، المقيم في مدينة ازويرات عاصمة ولاية تيرس الزمور، فإن ”السلطات الموريتانية تضغط على أصحاب ماكينات معالجة الذهب في المدينة، من أجل حث زبائنهم من المنقبين على بيع مستخرجاتهم من الذهب لفرع البنك المركزي في المدينة، تماشيًا مع الالتزامات التي تعهدوا بها من أجل الترخيص لهم لممارسة نشاط التنقيب عن الذهب في منطقة اكليب اندور“.
وقال سيرى لـ“إرم نيوز“، إن ”السلطات تشك في أن الكمية التي تم بيعها لفرع البنك في مدينة ازويرات لا تتماشى مع كميةالذهب المستخرجة من مناطق التنقيب في اكليب اندور“.
الاستخراج والتصفية
بعد أن استقطبت المنطقة العسكرية المغلقة في الشمال الموريتاني، المنقبين الموريتانيين أكثر من غيرها، رخصت السلطات لأكثر من 200 آلة لطحن الحجارة المشبعة بالذهب، وحددت لها مسافة تبعد 4 كيلومترات عن المدينة، نظرًا للغبار والإزعاج الذي تصدره.
وتقوم هذه الآلات بطحن آلاف الأطنان من الحجارة المشبعة بالذهب، التي يجلبها مئات المنقبين بشكل يومي من مناطق التنقيب الواقعة على بعد 70 كلم من المدينة.
إزاء ذلك، أوضح المنقب اعل ولد محمد ولد اصنيب، أن ”عملية تحديد الحجارة المشبعة بالذهب قبل نقلها للمطاحن، تتطلب جهدًا وخبرة معينة“.
وقال ولد اصنيب لـ“إرم نيوز“، إن ”آبار المنقبين قد تصل إلى عمق عدة أمتار قبل العثور على عروق الذهب، التي يتم تحديد جودتها من خلال عملية طحن وصهر بسيطة لنموذج من الحجارة، لتظهر مدى جدوى مواصلة العمل من عدمه في بئر معينة“.
وأفاد بأنه ”في حال كانت نسبة الذهب في الحجارة مغرية، يتم تحميل خنشات منها بأحجام محددة، ونقلها عبر شاحنات كبيرة إلى ازويرات لمعالجتها“، منوها إلى أن ”الجيش يمنع استخدام السيارات رباعية الدفع في المنطقة العسكرية، للتمييز بين المهربين والمسلحين من المنقبين“.
وأضاف أنه ”يعود التنقيب رغم صعوبته بمردود جيد على صاحبه، ويضرب مثالاً على تمكنه من استخراج مابين 150 إلى 200 غرام من البئر الواحد، سعر غرام الذهب يتراوح بين 1500 و 1400 أوقية“.
وذكر ولد اصنيب أن ”طحن خنشة واحدة يكلف مبلغ 2500 أوقية، فيما تكلف تصفية الغرام الواحد مبلغ 1500 أوقية، يتم بعد ذلك نقل الكمية التي تمت تصفيتها إلى فرع المكتب الدولي المتخصص GOLD في موريتانيا، أو شامي كولد، لتحديد نوع عيار الذهب، قبل بيعه للبنك المركزي“.
إرم نيوز