تقرير : إيمان مبارك(smc)
دخلت الشراكة الاقتصادية بين السودان وتركيا مراحل متطورة ، وذلك بعد أن فتح السودان ابوابه لجذب جميع الاستثمارات الخارجية التي من شأنها أن تقود الي اندماج إقتصاده في الاقتصاد العالمي. ولا شك ان الاستثمارات التركية لها أهمية كبيرة يمكن أن تدفع بمنظومة الاقتصاد القومي.
وأكد نائب رئيس الوزراء التركي هاكان جاويش اوغلو خلال زيارته الاخيرة للسودان متانة العلاقات التى تربط تركيا والسودان، مشيراً الى الآثار الإيجابية التى أحدثتها زيارة الرئيس التركي رجب اردوغان للسودان اواخر العام الماضي على مسار العلاقات بين البلدين. مشيداً بمواقف السودان الداعمة لبلاده تجاه الكثير من المواقف الاقليمية والدولية. وأكد اوغلو دعم بلاده اللا محدود للسودان، مشيراً الي تركيا قدمت منحه للسودان بتحويل (100) فرصة للحالات المرضية المحولة للخارج لتلقى العلاج بتركيا سنوياً وذلك بناءاً على الاتفاقية الموقعة بين الطرفين .
وقال د. فتح الرحمن احمد محمد رئيس قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة النيلين لـ(smc) أن العلاقات بين السودان وتركيا علاقات استراتيجية تبني علي مصالح مشتركة وأرث تاريخي خاصه وأن الجانبين لهما ذات الرؤية في النظم السياسية، موضحاً أن للسودان له مكاسب ايجابية في التحالف مع تركيا فيما يختص بدعيم وترسيخ الإستقرار الأمني والسياسي والإقتصادي بعد خروجه من عزلة طويلة من المعسكر الغربي بشكل عام والولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص. مبيناً أن السودان يمتلك موارد طبيعية واقتصادية هائلة لها قابلية عالية علي الاستقدام والاستغلال الاقتصادي الأمثل اذا ما وجدت التمويل والخبرة والتقنية . واضاف قائلاً : في المقابل تمتلك تركيا تقنية وامكانات اقتصادية يمكن ان تدعم بها السودان ، لجهة أنه يمثل جسر أو معبر لتركيا للقارة الافريقية ، خاصة بعد ان اصبح التوجه التركي في القارة الافريقية متزايد في الفترة الاخيرة باعتبار انها اصبحت تمثل اسواق لمنتجاتها ، مشيراً الي أن القارة الافريقية تمثل مصادر للمواد الخام بالتالي تركيا في حاجه لتوسيع علاقاتها الايجابية والاقتصادية مع الدول الافريقية.
وساعد موقع السودان المتميز علي البحر الاحمر تركيا في لعب دور اقتصادي ايجابي، وتوقع ان يتحول الي بحيرة اقتصادية فاعلة في العقود القادمة خاصة بعد توتر الاوضاع في منطقة الخليج العربي التي كانت تمثل سواحل اقتصادية مؤثرة، موضحاً أن منطقة البحر الاحمر الان بها عدد من المشاريع الاقتصادية من كل من السودان و السعودية مصر والتي تعمل جميعها علي اعادة الاستفادة من ثروات البحر الاحمر وتحقيق استقراره . مضيفاً ان تركيا تجد في السودان نصير لها في كثير من القضايا المختلفة والقضايا التي تحتاج فيها الي الدعم من الدول الاخري .
ويوضح د. فتح الرحمن من جانب آخر أن تركيا تمثل للسودان الدعم السياسي والامني والاقتصادي الذي يساعده علي الاستقرار، باعتبار انها تمتلك قوة عسكرية وان السودان يحتاج لمثل هذا النوع من التحالفات الايجابية في ظل التهديدات التي يتعرض لها ، موضحاً أن القدرات والخبرات العلمية والاكاديمية ومجال التدريب والتأهيل والتنمية البشرية بتركيا تمثل مصدر لدعم السودان في هذا المجال بشكل واسع خاصة في مجالات البحث العلمي والمجالات العلمية والاكاديمية بأعتبار أن تركيا تأتي حسب التصنيف السياسي العالمي في مقدمة الدول .
واكد د. فتح الرحمن أن السودان يمكن أن يبني شراكة مع تركيا في للتوسع الاقتصادي في افريقيا خاصة في منطقة القرن الافريقي ليصبح السودان مدخلاً لنجاح المشاريع التركية المشركة ومن ثم تمدد هذه المشاريع كعامل استقرار في منطقة القرن الافريقي مشيراً الي أن جميع هذه العناصر ايجابية من شأنها أن تطور العلاقة بين البلدين ، واشار الي المبادرات الإيجابية الدبلوماسية المتبادلة بين البلدين علي مستوي الرئاسة بزيارة الرئيس البشير الي تركيا وزيارة اوردغان للسودان وتوقيع عدد من الاتفاقيات في المجالات المختلفة، مؤكداً أن تفعيل هذه الاتفاقيات وتنزيلها الي ارض الواقع ومنحها الاهمية والاولوية سيسهم في دفع العلاقات بين البلدين . مبيناً أن الطرح التركي للاستثمار والسياحة البحرية في سواكن وترميمها لتصبح منطقة جذب سياحي يمثل عنصر رائد في تطوير العلاقات الايجابية بين الطرفين .
من جانبه أكد د. مرتضي الطاهر حاج العاقب استاذ العلوم السياسية لـ(smc) أن العلاقات بين البلدين لها اهمية خاصه في هذه المرحلة الدقيقة من مراحل العلاقات الدولية ” عصر هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية كقوة غربية أصبحت تفرض العقوبات الاقتصادية والسياسية قبل أن تستخدم القوة العسكرية ضد الدول “، قائلاً أن والسودان تأثر كثيراً من تلك الهيمنة ومن فرض العقوبات الإقتصادية ومحاولات العزل السياسي والحرب الإعلامية ضده إضافة لمشكلاته الداخلية ” . ويضيف حاج العاقب أن اتجاه السودان لاقامة صلات مع تركيا بأعتبارها قوة اقليمية معتبرة لها مكانتها الجيوسياسية والجيوإستراتيجية والاقتصادية والحضارية معتبراً انها خطوة موفقة وسديدة لتطوير هذه الصلات في المجالات المختلفة .
مشيراً الي أن العلاقات بين الجانبين لها عدد من الابعاد الايدلوجية والاقتصادية والاستراتيجية والعسكرية، موضحاً أن هذه الابعاد من شأنها أن توطد العلاقات بين الجانبين في ظل المتغيرات الاقليمية والدولية والابعاد الجيوإستراتيجية والاقتصادية والحضارية ، معتبراً توقيع اتفاقيات ” 22 اتفاق ” بين السودان وتركيا في عدد من المجالات الاقتصادية والاستراتيجية والسياسية والثقافية والتعليمية يأتي في إطار بحث الدول عن مصالحها والحفاظ علي مبادئها، مشيراً الي أن تركيا تعي مصالحها وتوازن بينها وبين مبادئها ودليل ذلك انها استطاعت ان تقيم علاقات مع دول تابعة للحصارة الغربية ” عضوية حلف الاطلنطي وسعيها لعضوية الاتحاد الأوروبي ” كما لها علاقات متميزة مع دول اخري ذات مكانة اقليمية وعالمية في مجالات عديدة. ويؤكد حاج العاقب أن السودان مطلوب منه ان يطور علاقاته في ابعادها المختلفه وفقاً لرؤية استراتيجية تعي الاهداف والوسائل الاستراتيجية في محاولة توسيع الفرص وتعميق نقاط القوة ومحاصرة نقاط الضعف درءً للمهددات الاقليمية والعالمية ، مشيراً الي أن هذا الامر يتطلب تميزاً ايجابياً لعلاقات السودان مع تركيا تصبح بموجبه بيئة العلاقات جاذبة في كافة المجالات الاقتصادية والسياحية والتعليمية والثقافية وصولاً الي تميز شامل في العلاقات السياسية ، مبيناً أن التميز في العلاقات يحتاج الي وسائل بعيدة الجذور ” ثقافية عامة وتعليمية علي الاخص” كأن يتم التوسع في تعليم اللغة التركية ويتزايد التبادل الثقافي والعلمي في المجالات الصحية والتعليمية وغيرها حتي تتجذر الابعاد الاستراتيجية للعلاقات السودانية التركية مع الوعي والتعامل الدقيق مع ما يمكن أن يسببه تعمق هذه العلاقات من حساسية لدي أطراف اقليمية فاعلة لها علاقات مميزة مع السودان خاصة دول المنطقة العربية ودول جوار البحر الاحمر الافريقية .