نظم مركز الأفق للإعلام والأبحاث والدراسات الاستراتيجية حول قضايا العالم الإسلامي مساء أمس الجمعة ندوة حول العلاقات السعودية الإفريقية: الماضي والحاضر، بمشاركة عدد من الباحثين، بحضور السفير السعودي في نواكشوط هزاع بن زبن بن ضاوي المطيري، والسفير الموريتاني في المملكة د. محمد الأمين الشيخ.
وفي المحور الثاني للندوة قدم رئيس المركز الموريتاني للتنوع الثقافي ومحاربة الغلو والتطرف(CMDCE)، د.محمدو لمرابط اجيد، ورقة عن "واقع العلاقات السعودية الإفريقية وسبل تطويرها"، حيث بين أن العلاقات الافريقية السعودية القوية والوطيدة من أيام الملك فيصل، قد عادت اليوم مع تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، مقاليد الحكم في المملكة.
وأن المملكة العربية السعودية كان لها دور كبير وجهد متميز في تنمية مختلف دول القارة الافريقية من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها، وقدم أمثلة على ذلك، من خلال البنك الاسلامي للتنمية، الصندوق السعودي للتنمية، مركز الملك سلمان للإغاثة،ومن خلال العلاقات الحكومية المباشرة والدبلوماسية.
واعتبر المحاضر أن المملكة تتمتع في افريقيا بنفوذ اقتصادي، وديني قوي وراسخ وقديم، لأنها تحتضن الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين كافة، بالإضافة إلى أن مسلمي القارة الافريقية أغلبهم مسلمين سنة، وحتى التصوف في افريقيا هو تصوف سني نقي من جميع الشوائب والخرافات.
ولأنها كذلك تستضيف منظمة المؤتمر الاسلامي، التي تضم أغلب الدول الإفريقية، وبالتالي تعتبر مركز العالم الاسلامي، وتمول مشاريع في مجالات مختلفة ولديها حضور استثماري قوي في القارة، وحضور دبلوماسي كذلك.
وقال المحاضر إن سياسة المملكة في افريقيا واضحة جدا، فهي لا تريد نشر مذهب معين او استغلال بؤر توتر هنا وهنا، بل إن اهتماماتها تنصب في المجال الإفريقي على مسألتين أساسيتين لا ثالث لهما، وهما، محاربة الإرهاب والتطرف العنيف، ودعم التنمية الاقتصادية والبشرية.
ودلل على ذلك، بأن تبرع المملكة الكبير لقوة منطقة الساحل بغرب إفريقيا، برهانًا على قناعة المملكة بالاستراتيجية الموريتانية في هذا المجال التي رسمها الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وتأكيد على جدية المملكة في دعمها جهود التنمية ومكافحة التطرف والإرهاب في افريقيا. لذا جاء إعلان المملكة دعمها لقوة G5، بـ100مليون يورو (118 مليون دولار) لقوة الساحل التي تعاني من شُح في مصادر تمويلها ، مُمثلًا لنسبة معتبرة من التمويل الإجمالي الذي تحتاج إليه القوة الجديدة لانطلاقها (250 مليون يورو).
وأكد المحاضر أن هذا الدعم السعودي لقوة الساحل الإفريقي يتماشى مع التوجهات التي يقودها صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، لتطوير وتحديث المملكة، والقضاء على التشدد.
وقدم المحاضر آراء بعض الباحثين الغربيين المختصين في هذا الموضوع، كالباحثة البارزة(jane kinninmont) بمركز الأبحاث البريطاني (chatham house)التي قالت إن "السعودية ذات مصلحة في مكافحة الحركات الجهادية العنيفة"، وأضافت: "هذا ليس جديدًا تمامًا منذ تولي ولي العهد محمد بن سلمان منصبه".
وتابعت: "القادة السعوديون يدركون مخاطر الحركات الإسلامية العنيفة عبر الحدود الوطنية منذ فترة طويلة، خاصةً منذ 11 سبتمبر ومنذ أن بدأ تنظيم القاعدة مهاجمة السعودية عام 2003".
وقال المحاضر إنما ذهبت إليه الباحثة، أكد عليه مدير إفريقيا في الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان "فلورنت جيل" عندما قال إن السعوديين "يستثمرون الكثير في منطقة الساحل منذ فترة تتراوح بين 10 إلى 15 عامًا".
وأوضح "جيل" أن الإسهام السعودي بالمنطقة ارتكز سابقًا على تمويل المساجد والمشاريع الاجتماعية، ليسير الآن على التوازي مع المساهمة الفاعلة في تمويل قوة مكافحة الإرهاب بالمنطقة.
فيما لفت الباحث في جامعة "كنت" البريطانية المتخصص بالتعاون العسكري بمنطقة الساحل "Nicolas Desgrais"؛ إلى أن استثمار الرياض في بوركينا فاسو، يعود إلى سنوات مضت، وأضاف: "في بوركينافاسو، شارك السعوديون لسنوات عديدة من خلال الجمعيات، في أنشطة طبية مجانية، وفي مدارس القرآن وغيرها من الخدمات التي تقدم للناس هناك"، وأن التعاون في دعم قوة الساحل يمثل إضافة لهذا الجهد التنموي والأمني.
وفي نهاية عرضه، أكد، د.محمدو لمرابط اجيد، أن مستقبل القارة الإفريقية، الآن، لديه فرصة ذهبية أكثر من أي وقت مضى، من خلال القمة السعودية - الأفريقية المرتقبة بداية العام المقبل، التي دعا لها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ، آل سعود، لأنها ستحمل بُعْدا يتصل بالأمن القومي للمملكة من ناحية؛ ولإفريقيا وبقية العالم العربي والغربي من ناحية أخري.
وأن المسألة تتعلق بالهجرة السرية وبالإرهاب والعنف والتطرف، الذي بات يجد له حواضن فكرية وبشرية في الساحل الأفريقي، مستغلاً الحاجة المادية، لتجنيد عناصر بشرية، وهوما نشاهده في ليبيا من قدرة «داعش» على اكتتاب عناصر جديدة بدافع الارتزاق لا القناعات الإيديولوجية، دليل على ذلك. بالإضافة إلى احتمال هروب المنكسرين من الدواعش في سوريا والعراق إلى أفريقيا، وهؤلاء سيكونون وبالاً على القارة وجيرانها على الجانب الآخر للبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط.