نص التدوينة
دفعت تطورات استشهاد جمال خاشقجي في الفترة الماضية بعض الدول - ومنها بلادنا - إلى اتخاذ مواقف غالبا ما جاءت لتناصر المملكة العربية السعودية في رواياتها وتفسيراتها لمقتل جمال ، وقد يصل الأمر حسب الأخبار المتداولة إلى استقبال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والذي يشار إليه كمتهم رئيس في جريمة القنصلية .
المهم أثار هذا الموضوع عندي شأن العلاقات الخارجية للبلد وكيف تدار .
لا أريد هنا تقويم مختلف جوانب علاقاتنا الخارجية - وفي ذلك ما يقال - بل أكتفي ببعض الملاحظات التي أعتبرها أساسية وذات صلة بالتطورات الأخيرة :
1- ليست هناك ضرورة للتعليق على كل أمر وقد يتفهم عدم اتخاذ موقف من قضية لها تبعات وفيها كلفة قد لا تتحمل ، ولكن بالمقابل لا معنى للتحول إلى مسمع أو مكرر لما يقوله الآخرون، من هنا كانت موريتانيا في غنى عن تعليقاتها على حادثة اغتيال الشهيد جمال خاشقجي وأكثر من ذلك في غنى عن تساوقها مع الروايات السعودية الكثيرة والمتعارضة والمرتبكة.
2- يبدو أن هذه التعليقات والبيانات مترتب من مترتبات الموقف المتخذ من الأزمة الخليجية والقطع المتسرع واللامبرر والضار للعلاقات الديبلوماسية مع قطر ،فأصبحنا - شأننا شأن دول الحصار ومعها دولة أواثنتان - كلما أخطأ أحدهم أوجاء بأمر عظيم نضطر لتعليق يحمل معنى التفهم والتبرير، ألم يكن يسعنا ما وسع عديد الدول العربية و المسلمة التي إن لم تقف مع المحاصر والمظلوم لم تدعم الظالم والمحاصر بكسر الصاد ،ألا تجاورنا دول هي في علاقاتها مع السعودية والإمارات أقدم ومنهما أكثر استفادة وحجم نشاط الدولتين فيها أوسع وأكبر ، من هذه الدول من دعت للصلح وظلت على نفس المسافة من الجميع ومنها من استدعى سفيره ثم اعتذر واعتدل.
3- سياستنا الخارجية - بعيدا عن رغباتنا ومستوى رضانا عن هذا الموقف أو ذاك لهذه الدولة أو تلك - لا تتحمل الاصطفاف في نزاع المحاور والأقطاب لسبب بسيط وواضح هو أننا لا نقدر على تحمل تبعاتها ولا علاقة لنا بمعظم أسباب هذا الاصطفاف أو الاستقطاب .
4- نحتاج إلى اعتماد تقاليد ثابتة ومنهحية معتدلة وأساليب تحمل على الثقة والاحترام في سياستنا الخارجية.
ليس من المهم أن تكون سريعا في التجاوب مع طلبات أفرزتها صراعات لست طرفا فيها مهما كان المقابل ومهما كانت طبيعة الإغراء ولكن المهم بل الأهم هو أن يعرف الجميع أنك على شيئ وأنك قد تصادق لصداقتهم ولكن لا تعادي لعداوتهم
" نبغيلك بغيك ، ولا نكرهلك كرهك " هذا إن كان ولابد.