بعد تصريحات الرئيس.. "جدل قبل أوانه"
تصريحات رئيس الجمهورية الأخيرة لإذاعة فرنسا الدولية بشأن نيته احترام الدستور، وعدم التطلع لمأمورية ثالثة، جديرة بالتقدير والاحترام، وتضع حدا للجدل الذي افتعلته الساحة السياسية معارضة وموالاة حول هذا الموضوع.
بل وأكثر من ذلك تُفرغ هذا الجدل العقيم من محتواه ومبرراته، سواء لدى بعض أوساط المولاة الساعية لتغيير قرار الرئيس احترام الدستور، أو في أوساط المعارضة التي بات خطابها منحصرا في محاولة إقناع الرأي العام بأن المأمورية الثالثة فرض لا مناص منه ولا محيد عنه، واختزلت برنامجها السياسي في رفض تلك المأمورية المفترضة ومناهضتها.
أما خوض البعض في إشكالية مدى قانونية ترشح الرئيس أو عدم ترشحه للرئاسة لاحقا، بعد أن يغادرها، فهو جدل سابق لأوانه، وافتعال لأزمة دونها مفازات ومنعطفات هامة، حري بالجميع أن يركز عليها تفكيرا ونقاشا، ثم ترشيحا وانتخابا، فإثارة مثل هذه الإشكالية اليوم ونحن على أعتاب انتخابات رئاسية مفصلية، قد يكون سعيا لدى بعضهم ـ مقصودا أو غير مقصود ـ لخلق أزمة قبل الأوان، أو وضعا للعصي في دواليب عجلة الأحداث، أملا في عرقلة مسارها، سبيلا إلى تلمس موطأ قدم فيما هو آت، وتلك لعمري سياسة العَير، الذي إن شرب فلتغُر البئر ولتُعطل، أو على الأقل فضول نقاش في غير ساعة فضول.
اليوم حسم الرئيس جدل المأمورية الثالثة، وقضي الأمر، وأصبحنا وجها لوجه مع منعرج تناوب لا مرية فيه، ينبغي على الفاعلين السياسيين والوطنيين التركيز عليه، بغية تجاوزه بالتي هي أحسن، والعبور بالبلد نحو القادم المرتقب، في أكثر الظروف طمأنينة وسكينة ووقارا، ثم بعد ذلك نتفرغ لنقاشاتنا الافتراضية.
من صفحة محمد محمود أبو المعالي