في بداية شهر يناير 2014 دعيتُ، مع وفد صحفي، لزيارة لشركة "اسنيم" التقينا خلالها بالإداري المدير العام ساعتها محمد عبد الله ولد ؤداعه، وناقشنا معه عددا من القضايا من بينها استثمارات اسنيم خارج مجال تخصصها.
و كانت ردود ولد ؤداعه بهذا الخصوص أن سياسة الرئيس ولد عبد العزيز هيّ اشراك اسنيم في مختلف مجالات التنمية، عن طريق استثمارات داخل موريتانيا، وحاول ولد ؤداعه جهده تبرير منطيقة تلك السياسة، "إذ من غير المعقول أن تبقى شركة عملاقة مثل اسنيم متقوقعة على نفسها، بمهمة اجتماعية واحدة منذ انشائها، وهيّ تسديد رواتب موظفيها" .. وطرحَ العديدَ من الأسئلة: "ما الفائدة من شركة عملاقة إن لم تتحمل مسؤولية تنموية وطنية؟ لماذا لا تُستثمرُ عائدات الشركة في السوق الموريتاني؟ من منكم سمع عن إنجاز لشركة اسنيم خارج خط السكة الحديدية من ازويرات إلى نواذيبو قبل عهد ولد عبد العزيز؟
في الحقيقة، أعجبني طرحُ ولد ؤداعة، خصوصاً أنني لا أفهم كثيراً في الاقتصاد، ولا تعني اسنيم بالنسبة لي غير شركة تستنزفُ حديدنا الخام منذ خمسين عاماً، حتى أنني كنتُ مقتنعاً بأن ضرّها أكثر من نفعها ما دامت تُجسد سيزيفية حيوان "عَرْ" الذي "إنَتّكْ تارَ، إياكْ تنبت علبْتو، إياك إنتك تار".
ما أريد قولَه هو أن كل ذكرٍ لشركة اسنيم يذكرني بتلك الزيارة التي حظيتُ خلالها مع العميد Ould Omeïr Mohamed Fall بدعوة كريمة من أخي وصديقي الشاعر المهندس الشيخ ولد بلعمش طيّبَ الله ثراه ..
جالسنا المرحوم في منزله بكانصادو، وكان يودُ الإنصاتَ لنا، كرماً منه، في أحاديث عن اسنيم وعن السياسة، ولكن رغبتنا للإنصات له أقوى كانت أقوى منه ومنا ..
عندما أتذكرُ المرحوم، لا أتذكرُ كرمَه الحاتمي ودماثة خلقه فقط، بل أتذكر شاعراً صادقاً مع ذاته ومع الناس، يحمل كل هموم الوطن، بل هموم الأمة الإسلامية..
شكراً لكم جميعاً على إثارة موضوع اسنيم.. اللهم اغفر لأخي الشيخ ولد بللعمش وارحمه وعافه واعف عنه، واكرم نزله ووسع مدخله واجعل قبره روضة من رياض الجنة..