أتى رجل من الخوارج الحسن البصري فقال: ما تقول في الخوارج؟
قال: هم أصحاب دنيا.
قال: ومن أين قلت، وأحدهم يمشي في الرمح حتى ينكسر فيه، ويخرج من أهله وولده!
قال الحسن: حدثني عن السلطان؛ أيمنعك من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والحج والعمرة؟
قال: لا.
قال الحسن: فأراه إنما منعك الدنيا فقاتلته عليها."(البصائر والذخائر، ج1، ص:156). سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا... أن ينكشف طلاب الدنيا بالدين. فما هي إلا لحظات بعد الإعلان عن إنشاء "المحظرة النموذجية لتأهيل وتكوين العلماء" حتى تسابق كتبة الإخوان يرجمون الوليدة، ويحاكمون النوايا!!! وقد ملأوا الدنيا وشغلوا الناس بالدفاع عن العلم والعلماء، زعموا!، وهم إنما يدافعون عن "مركزهم" وما يجلب من منافع مادية للأفراد والتنظيم، والحزب.
تمتاز "المحظرة النموذجية" عن مركزهم بأنها "محظرة" تنتمي للتراث الموريتاني الأصيل، بينما "مركزهم" استيراد لمركز الإخوان الذي أقامه حسن البنا في القاهرة يجتمع فيه الإخوان لتدبير شأن الجماعة السياسي...
تعتمد "المحظرة النموذجية" الشفافية في التسيير ومصادر التمويل، وأوجه الصرف، بينما كان "مركزهم" أداة لتبييض الأموال؛ لا تعرف مصادر تمويله، وليست له دفاتر محاسبية ولا حساب مصرفي، باعتراف إدارته، وإنما ينفق عليه الشيخ كما ينفق على أهله!!!
"المحظرة النموذجية" مؤسسة علمية وطنية الكادر البشري، والمناهج الدراسية، والتمويل، بينما زعموا أن "مركزهم" عالمي، يتكفف الناس، ويشغل أساتذته بالسخرة، ولا يعلم تاريخ تأسيسه، ولا مدة الدراسة فيها، على التحديد! (راجع تصريحات الشيخ في المناسبات المختلفة).
"المحظرة النموذجية" مؤسسة تابعة للدولة الموريتانية، بينما "مركزهم"، شركة وهمية (Société écran) مثل جمعياتهم الخيرية، ومستوصفاتهم، وبقالاتهم، وصيدلياتهم، وأسواقهم المجمعة، وصرافاتهم، وجامعاتهم، ومعاهدهم...
لقد أنشئت "المحظرة النموذجية" لتميز الخبيث من الطيب؛ فمن يريد تعليم العلم وتعلمه خالصا لله على المحجة البيضاء، متنكبا بنيات الطريق، فقد وجد ضالته، وهو ما يوجب على العلماء العاملين لله، لا لغيره، وطلبة العلم حقا، لا منتسبي التنظيم الدولي للإخوان، الذين وقعوا عرائض، وأصدروا بيانات "دفاعا عن العلم والعلماء" أن يثمنوا هذا الانجاز ويسارعوا إلى التصدي لأعضاء التنظيم الذين يحاولون تشويهه بحملة إعلامية مردوا عليها في وجه كل ما يهدد مصالهم الدنيوية حتى لو كان "محظرة نموذجية" تقطع الطريق على تبييضهم الأموال تحت غطاء "نشر العلم"...
د محمد اسحاق الكنتي