خاص بالمشتركين : يخطو ثاني جنرال في موريتانيا ـ بعد الرئيس الحالي ـ بخطوات ثابتة غير مستعجل من أمره و كأنه يعرف معرفة اليقين ما ينتظره من نصيب بعد المغادرة المحتملة لصديقه و شريكه في الانقلابات رئيس الجمهورية الحالي محمد ولد عبد العزيز وسط حديث واسع عن نية الرئيس استخلافه
و من المؤكد أن العلاقة التي ربطت الرجلين منذ أزيد من ثلاثين سنة هي التي مكنتهما من التخطيط بنجاح إلى الانقلاب على نظام ولد الطايع القوي ـ حينها ـ دون أن يسكب كأس من ماء لأي طرف ، و هي التي جعلتهما يخططان بنجاح لما عقب ذلك من مراحل مرورا بالانقلاب على سيدي ولد الشيخ ولد عبد الله و تسيير سنة 2009 الصعبة بالنسبة للنظام ، كما أن تلك العلاقة الوطيدة هي التي جعلت الجنرال غزواني يتمسك بزمام الأمر و يحفظه لصديقه الرئيس الذي تعرض يوم 13 أكتوبر 2012 لأخطر تهديد لحياته فيما عرف بحادثة اطويلة ـ حيث أمضى أزيد من شهر يتعالج في فرنسا من آثار تلك الإصابة مسندا ظهره إلى زميله في الانقلابات الذي يبدو أنه كان أكثر من صديق ، و تلك هي العلاقة التي تفوق القرابة بالدم و الشراكة في المال و غير ذلك من المشتركات ..
الآن و قبل ما يقارب السنة من الموعد الذي ينتظر أن يغادر فيه الرئيس ولد عبد العزيز الحكم يبدو صديقه يحظى باجماع واسع في الداخل و الخارج لا يتوفر لدى بعض الأسماء التي يروج لها في أوساط النظام
فالرجل هو صديق للفرنسيين يحظى بثقتهم و يباركون علاقاته مع الغرب و يمهدونها أحيانا :
إسبانيا ـ حيث زار نائب قائد أركانها مؤخرا نواكشوط و أبدى الكثير من الإعجاب بالفريق غزواني حسب ما نقلت وسائل الاعلام
حلف شمال الأطلسي ـ الذي زار قائده موريتانيا و جلس طويلا مع غزواني ـ
و هو إلى ذلك رجل الإمارات و السعودية التي يلتقي بقادتها كلما ما كان في مهمة هناك و يحضر على غير العادة احتفال سفاراتيهما في نواكشوط بالأيام الوطنية ..
محليا و على الصعيد العسكري يحظى الرجل باحترام و مهابة كبيرة من قبل الضباط السامين و المتوسطين و حتى ضباط الصف و الجنود الذين لا يرتبطون به بشكل مباشر حيث ساعدت سياسات النظام في تحسين ظروف الجيش و أفراده إلى تحسين صورته هو كونه رائد إصلاح الجيش من خلال قيادته للأركان لأزيد من 11 سنة ـ و فوق ذلك فهو قائد صموت يربط القادة بنفسه و يمنحهم التقدمات على أساس الولاء حيث يمكن أن يكون شكل بذلك "لوبي" قوي لابد من احترام إرادته ..في كل الاحتمالات
شعبيا و على الصعيد المدني يحظى بعلاقات محدودة و لكن باحترام واسع من قبل قادة الرأي في الأغلبية و يرتبط عدد من الوزراء الحاليين به شخصيا حيث يتوسطون به من أجل حل بعض الخلافات بينهم و بعض القادة ـ و باستثناءات محدودة و ضيقة و إن كانت قريبة من الرئيس عزيز يدعم الطيف الواسع من النواب و المنتخبين و الأطر ترشيح غزواني للانتخابات القادمة
و رغم أنه عسكري لم ينزع البذلة بعد و لم يصرح بممارسته السياسة علنا إلا أن قياديا بارزا في المعارضة ـ يمكن أن يقرأ هذه الورقة ـ قال لرئيس تحرير مراسلون في حديث خاص أنه يخاف أن يكون ولد غزواني ـ دجالا جديدا ـ وفق تعبيره ـ لما يحظى به من إجماع حتى نحن في المعارضة ـ يقول ـ ماهو طايرنا ـ !
و غزواني أو ـ الفريق محمد ولد الشيخ محمد أحمد ـ ابن المشيخة الصوفية العريقة " القظف " التي ورث منها فصاحته العربية و حصافة الرأي و تقاليد احترام الكبار ـ و يقولون : حفظ للقرآن و ثقافة شرعية واسعة ـ يصلح بحسب البعض كرئيس من المناطق الشرقية ـ بومديد ـ معقل أهله و أجداده له يد في الشمال من خلال دور و حدائق عائلته بأوجفت
وتثير هذه الخلفية المزدوجة خلافا بين الفرقاء من خلال محورين ـ نمتنع عن الخوض فيهما ـ
لكن ما يخيف بعض المتنفذين منه إحاطته بعدد كبير من الرجال الأثرياء بحيث لو حيزت لهم السلطة مع ذلك فسيتحكمون في مفاصل كل شيء مما يحد من تحكم البعض أو يعيق التنمية وفق المبدأ الخلدوني أن السلطة و التجارة إذا اجتمعتا فسدت السلطة و فسدت التجارة ..
فهم يفضلون أن يبقى حاميا لظهر الرئيس و نظامه متحكما في خلفه ـ على أن يجلس أمامه
و يبقى الرجل أكثر رجال المرحلة غموضا و لكن أوفرهم حظوظا .. و أغلب الظن أنه سيتمكن من قيادة البلاد خلال المرحلة القادمة أو يبقى متحصنا في ثكنته إلى أن تحين تلك اللحظة و لو بعد سنوات ...