طالعت مقالا للناشطة الصحراوية النانه لبات الرشيد تتحدث في بإسهاب عن اتفاقية مدريد وتحمل الراحل أبو الأمة المختار ولد داداه المسؤولية في الهجوم على الصحراويين! واستباحة أرضهم وتقاسمها مع المغرب.
والحقيقة أنني لست في معرض الرد على جملة من المغالطات التاريخية التي تفضلت بها السيدة النانه، لقناعتي أنها تتحدث من زاوية مغايرة لكل الزوايا التي ننظر بها كموريتانيين إلى ذلك الصراع المرير بين الأشقاء والذي دفع فيه شعبنا الغالي والنفيس ثمنا باهظا واستشهد فيه خيرة أبناء هذا الوطن من جنود وضباط وهم يذودون عن دولة فتية وجدت نفسها في أتون حرب عصابات مدمرة يشنها مقاتلو جبهة البوليزاريو بدعم كامل من جار قوي هو الجزائر ومعسكر شرقي يدعمها بالعتاد والسلاح والخبراء والتدريب والمستشارين العسكريين.
روعت البوليزاريو الآمنين على طول الخارطة الموريتانية من عدل بكرو شرقا إلى انواكشوط غربا ومن عين بنتلي شمالا إلى كرمسين جنوبا.
وبلغت الجرأة بقادة الجبهة حد الهجوم المباغت على العاصمة أنواكشوط وضرب القصر الرئاسي وهي العملية التي قادها زعيم الجبهة الذي تتغنى ببطولاته الغواني في تيندوف الولي مصطفى السيد الذي يلقبه ماركسيو المخيمات ب"غيفارا الصحراء" والذي دفع حياته ثمنا لتلك العملية الانتحارية التي يقال بأن رجل الجزائر القوي حينها الهواري بومدين دفعه إليها دفعا للتخلص من طموحات مقاتل شجاع وعنيد.
غير بعيد من أنواكشوط سقط الولي برصاص وحدة من الجيش الموريتاني يقودها الشهيد البطل المقدم أحمد ولد بوسيف الذي أخذ سلاح القائد الصحراوي مرددا كلمته الشهيرة "هذا سلاح قائد ولاينبغي إلا لقائد" مايعني ضمنيا أن القائد الموريتاني أبدى قدرا كبيرا من الاحترام لخصمه المسجى على أرض غريبة وبلد حاول احتلال عاصمته فخانته موازين القوى.
إلى هنا والقصة عادية عدو بالنسبة للموريتانيين بطل في بني جلدته هكذا ظلت زاوية الرؤية للولي مصطفى السيد تختلف باختلاف اتجاه المضارب والخيام وشكلها في تيندوف ولحمادة وآفطوط الساحلي، لكن ما ليس عاديا أن تشهد السنوات الأخيرة تخوينا غير مسبوق لجيل التأسيس وللراحل المختار ولد داداه أبو الأمة الموريتانية
الذي بنى دولة من العدم مع رعيل أول من الرجال الشرفاء من مختلف ربوع الوطن أصبحو جميعا في دائرة الاتهام بالانحياز للمستعمر يرميهم الرويبضة بالخيانة تحت شعار زائف إسمه" المقاومة"
أما المفارقة العجيبة فهي أن هؤولاء المتقولين على المختار وجيل التأسيس هم الذين يتباكون اليوم على الولي مصطفى السيد ويمجدونه ويصفونه بالبطل كل هذا وهم موقنين بموريتانيتهم ويرمون غيرهم بخيانة الأوطان وهم أشبه بالطابور الخامس!!!
لن أنكر على الصحراويين تعلقهم برجل بذل حياته من أجلهم
لكنني مندهش أن بيننا من بلغت به الجرأة والوقاحة حد تمجيد عدو صائل قتل من أبناء شعبنا من قتل ثم يسقطون بعد ذلك صفة الوطنية عن رجال آمنو بالوطن ونثرو دمائهم الزكية دفاعا عن أرض كانت مستباحة من قبل الولي ورجاله لسنوات.
لاشك أن الرائد البطل سويدات ولد وداد لو كان بيننا اليوم كان سيصاب بخيبة أمل كبيرة عندما يعلم أن من بني جلدته من خونوه وفضلوا عليه عدوه في الجبهة الأخرى وهو الذي دفع دمائه الغالية قربانا على مذبح التضحية في معركة عين بنتيلي بعد أن قاتل حتى الرمق الأخير.
إلى المنبهرين من الموريتانيين بالولي ماذا ستقولون للعقيد البطل فياه ولد المعيوف عندما يسألكم عن تضحياته ورجاله البواسل في معركة "آوسرد" وهو صاحب المقولة الشهيرة" إنهم أبناء عمومتنا وهذا وطننا فلا مجال للاختيار أيها الرجال".
أيها الهائمون بالولي وبطولاته فلتخبرو العقيد البطل محمد سالم ولد لكحل أن سبعة أيام وثمانية ليال من حرب الشوارع في لكويرة ذهبت هباء وأنه ورجاله حاربو الوهم ودافعوا عن وطن يتقول عليهم بعض أبنائه اليوم ويمجدون عدوهم.
في عرف كل الأمم والشعوب لا يحتمل تمجيد العدو في أي معركة سوى صفة واحدة هي الخيانة أقولها بمرارة وأنا عل يقين من أن ذاكرتنا الجمعية ضعيفة سمكية لاتتذكر الماضي القريب.
لن أنكأ المزيد من الجراح وحق للنانه وغيرها من الصحراويين الفخر ببطلهم الولي وكل الخزي والعار لأبناء جلدتنا الذين التبس عليهم الأمر فماعادو يميزون بين المختار ولد داداه والولي مصطفى السيد أيهم العدو وأيهم الصديق .