التراويح " 19"
سورة "النمل "
الشعراء السابقة الذكر والنمل هذه والقصص سور متداخلة مترابطة تجمل فتفصل؛تعيد القصة الواحدة بدون أي تكرار ولا ملل؛في كل مرة دروس وعبر وألفاظ تناسب المقام وطبيعة الجزئية المتكلم عنها؛تفتح بحروف الهجاء؛تحكي قصص "موسى عليه السلام لما رأى الوادي المقدس ؛وسليمان عليه السلام في وادي النمل ثم داوود وسليمان وصالحا ولوطا عليهمالسلام؛ تركز على العقيدة وتثبيت النبي عليه الصلاة والسلام؛ ذكرا للكتاب ومنزل الكتاب جل جلاله حيث الحكمة والعلم ؛إشارة لأن العلم لابد له من الفهم؛والقرآن لابد له من التدبر والعمل؛ثم ذكر قصة موسى عليه السلام ودروسها المتعددة المتجددة؛ والتي يفهم منها قرب الرجل من أهله واصطحابه لهم حفاظا عليه وعليهم "إذقال موسى لأهله إني آنست " وتبين السورة آداب الدعاء "فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أو زعنى ...." وفي قصة "الهدهد" يلحظ تفقد المسؤول شؤون رعيته ورب العمل والأسرة والطالب كتبه ونحو ذلك؛ وأن العقوبة وسيلة للإصلاح؛وقبول العذر شيمة كريمة ومصلحة ظاهرة للعيان ؛كما أن تبيان الحقيقة والبحث عنها محض العقل والرشاد ؛"قال سنظر أصدقت ..." وبالقصة استشارة @المرأة @ لأصحاب ملكها دلالة لا تقل عن سابقاتها؛وهنا يتضح النضج في التعامل المؤسسي القاعدي للأخلاق والقيادة حين يرفض نبي الله الرشوة عليه السلام " أتمدونني بمال "
وذكر النمل الذي تسمت به السورة يدل دلالة ذكية على أن كل أفراد المجتمع يسهر على مصلحته ونجاته من الخراب والدمار أيا كان نوع الضرر حسب حدوثه وزمنه "قالت نملة يا أيها النمل ..."
وماتكرار كلمة "أمن " في تعداد نعم الله وفضائله إلا حجج على للمكذبين وآيات بينات للمتدبرين؛وتصف السورة الدابة مضيفة خطابها لكلام رب العالمين من غير فاصل "أن الناس كانوا بآياتنا "ليكون ذكر "الليل ليسكنوا فيه ؛والنهار مبصرا ؛الجبال تحسبها جامدة" أمور من صنع الله الذي أتقن كل شيئ عظة وعبرة ؛وتكون الخاتمة بأن القرآن كامل الهداية وفيه المعيشة والدنيا والآخرة " وأن أتلو القرءان فمن اهتدى " هذه بعض الوقفات مع السورة "وماربك بغافل عما تعملون "
سورة "القصص"
إنها متممة الثلاثة السور المتتالية بالمصحف نزولا وترتيبا؛المشتركة مواضيع متقاربة وهن مكيات في أكثرهن؛غير أن هذه السورة بسطت حياة نبي الله موسى عليه السلام من الولادة إلى الرسالة مرورا بالنشأة والزواج والسفر والرجوع منه؛وقدومه رسولا على فرعون وماحدث في البحر بعد ذلك ...
"ونريد أن نمن على الذين استضعفوا ..." منة الله لعباده وسنته في كونه ودرسه لعبيده وبشارته لمخلوقاته وسندا وعزيمة للعاقلين .
"الأم ؛الأخت " مكونات حياة يرفع الله بهن البلاء ويوسع بهن الصدر ويودع فيهن الرحمة والشفقة والحنان والأم آكد "وأصبح فؤاد أم موسى " وقالت لأخته "
الولد قرة عين وراحة بال وطمأنينة نفس "فرددناه إلى أمه ..."النضج للمسؤولية يشترط فيه "البلوغ والاستواء "ولما بلغ أشده واستوى " وإذا نقص واحد كان التحمل ناقصا وفيه خلل ...
تبين السورة أن الأقارب ونصرتهم بالظلم قد تكون عاقبتها وخيمة؛ويجعل الله الصداقة الناصحة في الغريب البعيد "وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى" وتوضح السورة أن الأخلاق تحمل الرجل المسؤولية عن المرأة؛وأن أولياء النساء عليهم البحث عن محامد المكارم في أزواج بناتهن @ولما ورد ماء مدين "
"إنك لا تهدى من أحببت ..." قاعدة باقية خالدة خلود الخير والشر في البشرية.
وإن عاقبة الاستكبار لفضيحة وندامة وعذاب "فرعون مثالا "لتتضمن السورة ارشادات للنبي صلى الله عليه وسلم بها الوعظ والتثبيت والنعم الكونية للناس لعلهم يهتدون ...
ثم كان ذكر قارون وبغيه في الأرض؛وتلك ميزة اللئيم يظن المال والمنصب والمكانة وسيلة للظلم والحيف؛لأن النفس الدنيئة تبعتها الفعال ...
فمثال ذلك النوع من البشر مصيره المشاهد حسيا "فخسفنا به وبداره الأرض " ومع الزمن يكون معنويا بالحقارة وامتعاض الناس منه وبغضهم له ..
"إن الذي فرض عليك القرآن ..." ذكرت فأبكت وأثرت فأرجفت ؛ووعظت فخوفت وعاتبت فصدقت؛لأنها آية من كلام الله بها القطع برجوع نبيه صلى الله عليه وسلم إلى مكة؛تبين الجانب النفسي له تلك اللحظة بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام؛مشيرة لمكانة مكة في قلب الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه وأتباع رسالته إلى يوم الدين؛ولأن والدتي ترقينى بها في كل سفرة أردتها بعيدا عنها ؛ولم أعرف لذلك دلالة قبل تمعني بها الآن وأسلوبها القطعي من رب العباد "له الحكم وإليه ترجعون "
الدكتور :افاه ولد الشيخ ولد مخلوك