تعليق على جزء التراويح "17" / الدكتور إفاه ولد الشيخ ولد مخلوك ـ المدينة المنورة

جمعة, 01/06/2018 - 20:06

التراويح "17" 
سورة "المؤمنون " من السور المكية تبدأ بما انتهت به الأولى من إقامة الصلاة والزكاة ؛وتشترك معها في الإستدلال على البحث بالنشأة الأولى ؛وتشتركان في قصهما لكثير من الأنبياء والرسل ...
بدأت السورة بتحقيق فلاح أهل الإيمان الخاشعين في صلاتهم الذين هم عن اللغو معرضون يأدون الزكاة يبتعدون عن الفاحشة ؛ يعدلون في الأمانة ؛وكأنها خطوط عريضة للمعاش الطبيعي القويم الذي به حقوق الدولة والأقارب والمجتمع والتعامل مع الغير ؛فالزكاة سلوك ؛والأمانة سلوك وأخلاق؛والأعراض عن اللغو تربية ومدنية واستقامة؛والصلاة جانب العبادة الشخصي "تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر " 
"ولقد خلقنا الإنسان من سلالة " جاء الإستدلال على البعث والنشور بشكل الحديث عن النشأة؛تذكيرا بنعم إلاهية جليلة "وأنزلنا من السماء ماء بقدر " فأنشأنا لكم به جنات " وشجرة تخرج من " وإن لكم في الأنعام ..."وعليها وعلى الفلك تحملون " 
وتقص السورة بعد ذلك قصصا عزيزة بها الخير والبركة " نوح " شعيب "موسى " وهارون "وعيسى " عليهم السلام ؛وكأن القاسم المشترك في القصص "عمل الصالحات وأكل الطيبات " بكل قصة دلائل على الأمة التسلح بها في كل زمان وعلى الفرد التمسك بها ففي قصة نوح "صناعة الفلك " تلميح للصناعة والتطور ؛"وأهلك " أيضا تدل على تعامل أهل البيت والملة تعاملا خاصا وحرصا زائدا ؛كما للمنزل أهمية في الشرع "وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين" 
وتبين السورة مصير أهل الكفر والضلال نكالا بهم يوم القيامة والعياذ بالله ...
ويذكر الله جل جلاله بنعمه على عباده بمشاعر وحواس هي منن وفضائل من الخالق استخدامها للخير خير والضد بعقابه وجزاء صاحبه ...
وكذلك التقريع لمن جعل لله ولدا وندا ؛وهنا نلحظ الحديث عن الظلم وخطورته حتى يتعوذ منه النبي عليه الصلاة والسلام "رب فلا تجعلني في القوم الظالمين " ثم يأتي التمثيل للحق ومكارم الأمور بالتحسر بعد الموت ؛واتباع الشيطان ؛وعدم فهم آيات الله؛تقريعا وتوبيخا لمن كان ذلك حالهم "قال اخسئوا فيها ولا تكلمون " ليكون حديث السخرية بين الحق والباطل مستمرا "فاتخذتموهم سخريا " 
أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا " البيان الختامي والخلاصة المفيدة ؛بالعمل بمتطلبات الحياة والعمل لمراد الآخرة "وقل رب اغفر وارحم وانت خير الراحمين "
سورة "النور" من التنزيل المدني
تربط المستمع بأحداث عظيمة وتاريخ مجيد؛وعيشة كريمة وعزة ذاع صيتها وانتشر؛إنها غزوة "المريسيع " أو بني المصطلق" وهي سورة النور التى ورد الأمر بتعليمها للنساء ؛وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمربتعلمها أيضا؛إن سورة المؤمنون ؛تحدثت عن المحافظة على الفروج ؛فكانت النور تبين كل مايتعلق بها من أحكام وتوقعات وألفاظ وأفعال ....
إن النور تسمت بهذا الاسم لوروده بها "الله نور السماوات والأرض " 
إنها تفتتح بالنزول والفرض "سورة أنزلناها وفرضناها" ومابها سماه الله "آيات بينات لعلكم تذكرون " بدأت بمرادها مباشرة وكل أحكامها تبرأة لأمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها ؛إن بالسورة ؛حد الزانى والزانية ؛وقذف المحصنات والزوجات؛وحديث الإفك؛وآداب الزيارة؛والأمر للمؤمنين بغض الأبصار وحفظ الفروج ؛نهي النساء عن ابداء زينتهن؛والأمر بنكاح الأيامي "تسوية للمجتمع وتوحدا " والأمر للفقير بالعفة والصبر؛ وعدم الانصراف عن الرسول صلى الله عليه وسلم في أمر جامع؛ذكر مواصفات أهل الإيمان والنفاق ؛استئذان الموالي والأطفال ؛رفع الحرج عن الأعمى والمريض؛رفع الحرج في الأكل من بيوت محددة ؛بيان عظمة مجلسه صلى الله عليه وسلم والأمر باق مابقي الليل والنهار .
إن قصة السورة وأحداثها وتقول أهل الإفك وموقف الصديق من مسطح بن أثاثة ابن خالته ؛لتعطي دروسا عظيمة للمجتمعات والأمم في مكارم الأخلاق والأمن العام والسلوك القويم والحفاظ على الأعراض والتعاون على البر ؛وبقصة حسان ومدحه لعائشة شبيه من ذلك "حصان رزان ماتزن بريبة " ففيها أن العرض غاية كريمة في الشرع والدفاع عنه أسمى وآكد المتطلبات ؛ "ولا يأتل " بها أيضا مراعاة وجه الله في من تاب من عمل محرم شرعي ولو كانت حرمته تتعلق بعرض البنت وحرمة البيت؛ وما بقي من أحكام يؤسس للمدنية ومكارم الأمور "اقتحام البيوت " لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى ..." 
السورة تبين وتؤسس أحكام البيوتات المسلمة؛وتحافظ على الأعراض ؛وتحذر من الشائعات والكذب والحسد والتهم ؛تكرم وتبجل وتهين وتفضح ؛ تعطيى للغريزة نصيبها الحلال وتقف أمام الغريزة التافهة الطائشة الذليلة الدنيئة ؛....
إن سورة النور فاضحة كاشفة ساترة؛ختمت بما يعلمه الله وستعلم كل نفس ماكسبت "...فينبئهم بما عملوا والله بكل شيئ عليم "
الدكتور :افاه ولد الشيخ ولد مخلوك

تصفح أيضا...