تعليق على جزء التراويح "11" / الدكتور إفاه ولد الشيخ ولد مخلوك ـ المدينة المنورة

سبت, 26/05/2018 - 19:59

التراويح "11" 
تسمت سور في المحكم  المجيد على أنبياء من أنبيائه تعالى منهم هذه السور الثلاثة"يونس" هود" يوسف" وكلها مكية مرتبة نزولا ترتيبها بالمصحف؛وكان الجو العام لها زمنيا بعد وفاة أمنا "خديجة بنت خويلد " رائدة الدعوة وزيجته صلى الله عليه وسلم وأم ولده ومواسيته؛وعمه "أبو طالب " الذي منعه من قريش ونصره في مواطن كثيرة؛ وكان الجو النفسي لنزول السور حزناومشقة في محن الله وابتلاءاته تمحيصا وتثبيتا لنبيه ومن آمن معه؛ فنزلت سورة يونس تدعو لأصول العقيدة؛إيمانا بالله وبالكتب والبعث والجزاء؛مركزة على "الإيمان بالقضاء والقدر " فكانت فاتحتها "الر تلك ءايت الكتب الحكيم " تبين حكمته جل جلاله؛ موضحة قضاءه وقدره "أكان للناس عجبا ..." في بعثه لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ثم كان الحديث عن خلق السموات والأرض والكون ليتدبر في خلقه ويعبد الله حق عبادته؛ثم يذكر سبحانه بالأمم الفارطة "وما كان الناس إلا أمة ..."مع توجيهات أخرى عن أحوال العباد في المسرة والضيق والبر والبحر "هو الذي يسيركم في البر والبحر "ثم جاء أهل الحسنى وأهل السيئات؛مبينا مع ذلك قضاء الله النافذ وأقداره الحتمية؛وصدق القرآن "وماكان هذا القرآن أن يفترى.. " وتفاهة الظنون "إن الظن لا يغني من الحق شيئا " وعدم الظلم والحشر والحساب والساعة ؛لتتكرر كلمة "الحق " أزيد من عشرين مرة " وكأن هناك إجابة على شكوك عالقة لابد لها من إجابة ؛ويلحظ كذلك ورود كلمة "يدبر" في كل مقطع من مقاطع السورة في إشارة لمراد الآيات وهدفها يدركه المبصرون المتدبرون ...ليكون كل ذلك موعظة وبراهين "يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم ..." 
"واتل عليهم نبأ نوح ..." ذكر هنا في السورة وبعده" موسى "وفرعون و"يونس" لأن القاسم المشترك بينهم "الماء" حيث هلك به قوم نوح؛وعبره قوم موسى؛وأغرق فرعون وجنوده " وكانت النجاة منه ليونس حيث أخرجه الله من بطن الحوت؛حين توبته وحوبته عليه السلام واستغفاره ربه الغفور الرحيم؛كل ذلك تقريرا لموضوع السورة الذي سبق ذكره ؛ وجاء ذكر قوم يونس ورفع العذاب عنهم أيضا؛ثم ذكرت الآجال والتفكر في الكون وأوامر وعظية دينية "قل ياأيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم .." هذا ختام السورة ملحقا بالأمر بالتمسك بالوحي والصبر  وإن المرحلة لتتطلب ذلك؛وكذلك مراحل النشأة وأوقات الابتلاءات والضيق في كل زمن وحقبة  ....
وتأتي سورة "هود" تثبيتا لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم وقصة هود هي المحورية في القصة كسابقتها غير أنها أفتتحت بفاتحة مثيلاتها "الر " وذكر "الحكمة" أيضا ؛داعية للتوحيد مبينة الجو العام للأمة الإسلامية حينها "ألا إنهم يثنون صدورهم ..." داعيا فيها ربنا لمواصلة الدعوة بدون انقطاع "فلعلك تارك بعض مايوحى إليك " تمثل السورة للحق والضلال بأمثلة الأعمى والأصم  والبصير والسميع " وشتان مابينهما ؛عارضة نماذج سبعة مشابهة لنفس الظروف أو أشد منها طمأنة للرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه "نوح " هود" صالح " لوط "شعيب ؛موسى ؛وهارون " ولكل منهم قصة في الدعوة والصبر والاستقامة، ووضوح الهدف والغاية؛ثم تختم السورة بأن الهدف من القصة تثبيت قلب النبي عليه الصلاة والسلام "وكلا نقص عليك من أنباء الرسل مانثبت به فؤادك .." ليكون التذكير بالصلاة "وأقم الصلاة طرفي النهار ..." والتحذير من الظلم "ولاتركنوا إلى الذين ظلموا ..." ثم الصبر "واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين " 
إنها بحق قصص قرآنية ترشد للمعالى والمكارم؛تطمئن على النجاح مع الإرادة ومتطلباتها ؛تبعد اليأس؛تذكى الهمم وتحيي القلوب وتعطي القوة الدافعة للنجاح والمواصلة لأهل الهمم العقلاء من البشرية ؛أصحاب الهدف النبيل والمشاريع الحقيقية .
الدكتور :افاه ولد الشيخ ولد مخلوك

تصفح أيضا...