تشكل الأزمات الاجتماعية أفضل المناخات الانسانية لظهور العبقريات النضالية، ولتسلل الوصوليين الأنانيين في الوقت نفسه، فكما ظلت الحروب تخلق الأبطال والسفاحين في آن واحد، ظلت السياسة والعمل النقابي يستقطبان التافهين والانتهازيين ويتحول فيهما الهامشي الخجول إلى نمر مفترس، وربما مارس سطوته على المناضلين والمفكرين والدهاة، وحولهم إلى هامشيين.
في يوم الشغيلة الوطنية يستحسن الوقوف بشكل متجرد للتدقيق في عدد الذين وجدوا من هذه الثنائية الضدية منذ المؤتمر الاول لاتحاد العمال الموريتانيين، 1961، حتى يومنا؟ من برز بتضحياته وصموده أمام جشع السلطة وأرباب عمل كان سعيهم الوحيد هو مراكمة الثروة والربح باعتصار العامل المنهك المكدود وفرض شرعة القهر عليه؟ من القادة الذين ظلوا أوفياء لملفاتهم المطلبية العادلة وبرنامجهم النقابي المنصف؟ وفي المقابل من مارس الانتهازية وسعى لتحمل المسؤولية النقابية وفي أعينه تلمع مصالحه الفردية، وأنانيته المقيتة؟ من تخلى من رموز وقادة العمل النقابي عند أولى محطات المساومة عن ملفاته الأساسية ونسي مرجعياته؟
أنعمٌ حبلى بالأبؤس، وتجارب يجب استحضارها في معركة الشغيلة الوطنية وهي تحيي عيدها في ظرف نقابي كالح يدفع العمال والكسبة الحصة الأكبر من كلفة تطوراته، كما يبدو لمن راجع ملفات الشغل وحجم القضايا المطروحة منذ عقود أمام المحاكم، والكم الهائل من الملفات أمام كتابات ضبطها وعشرات الأوامر التنفيذية الصادرة عنها والتي لم تنفذ، وفي غياب اي فهم جدي لتاريخ وتجارب العمل المطلبي التي تؤكد جميعا أن الحقوق لم تعط يوما ما تفضلا، ولم تمنح بالاستجداء، ولا بمجرد الاستمرار في عرض المطالب العمالية على المستخدمين، إنما تُدرك بالنضال وابتكار وسائل انتزاعها المشروعة، وتحت إشراف هيئات تحظى بالطهر والنقاء اللازمين لبناء عقيدة كفاحية كالتي حركت عمال المناجم في نهاية السبعينيات وعمال الموانئ في بداية الثمانينيات، وتحت سقفها نشأ جيل من حراس السلم الاهلي والعدالة الاجتماعية بنوا قواعد عملهم المطلبي تحت شعار المناضل أول من يضحي وآخر من يستفيد، جيل من المناضلين ارتقى بالعمل النقابي بعيدا من المساومات الرخيصة، والرؤى الضيقة، التي ربما تشكل أكبر عائق أمام أي بديل مستقبلي أكثر عدلا وإنصافا وإنسانية يطمح بلدنا اليه اليوم.
فرحم الله محمد ولد الشيخ ، ولغظف ولد مادنب، ومحمد الحسن ولد اللود، ومن هو على شاكلتهم من مناضلي العمل النقابي الوطني الصادق.
حزب الصواب
01/05/2018