صدرت عن دار قوافل للنشر طبعة ثانية أنيقة، منقحة ومزيدة من كتاب "موريتانيا المعاصرة: شهادات ووثائق" للباحث المعروف الدكتور سيد أعمر ولد شيخنا.
ويؤرخ الكتاب، الذي طُرِحَ صباح اليوم الثلاثاء في مكتبات انواكشوط، للفترة الزمنية ما بين 1957 – 1984 من تاريخ الدولة الموريتانية.
واحتوى الكتاب على معلومات وُصِفَتْ بأنها "مثيرة وتنشر لأول".
واطّلع أحد محرري "مراسلون" على معلومات مثيرة - وردت في الكتاب - تتعلق بقضية "اعمارة النعمة"، التي قامت بها الجماعات الموالية للزعيم حرمة ولد بابانا، ضد الحامية العسكرية في النعمة 29 مارس 1962، وأسفرت عن قتل ثلاثة فرنسيين وجرح ثلاثة عشر منهم ومن الموريتانيين.
وبحسب الكتاب فإن جهات التحقيق توصلت إلى أن العقل المدبر للعملية هو الشريف إسماعيل المعروف ب "امَّا اعلي"، الذي كان يرأس فرع النهضة في "ولاته"، وتم اعتقال العناصر الرئيسة الأخرى في العملية، وهم ثلاثة عسكريين، هم: الشيخ ولد الفاظل شقيق السيدة لاله بنت الفاظل، حرم الرئيس هيداله، وولد ابه، وثالث يدعى اسويدات، وقد حكم على ثلاثتهم بالإعدام، ونفذ في الشريف اما اعلي والشيخ ولد الفاظل، ونجا ولد ابه نتيجة شفاعة، كشف الكتاب طبيعتها لأول مرة.
وينقل الكتاب عن مصدر وصفه بـ "المطلع جدا" أن الشيخ عبد الله ولد الشيخ سيديا اعترض على قرار الرئيس المختار بإعدام امَّا اعْلِي، منبها إياه إلى أن "آل النبي عليهم الصلاة والسلام لا يقتلون بالنصارى".
وقال الباحث سيد أعمر إنه بعد صدور الطبعة الأولى من الكتاب "اتصل بي أحد أقرباء ولد ابّه، وأفادني بأن سبب نجاة ولد ابّه من تنفيذ حكم الإعدام؛ يعود إلى شفاعة والده فيه لدى الرئيس المختار ولد داداه، حيث سبق لوالد ولد ابه - وهو رجل صالح - أن التقى بالمختار ولد داداه أثناء عمله مترجما "أَمَلاَزْ" في أفديرك خلال الأربعينيات، وقد تنبأ ولد ابّه للمختار بمستقبل سياسي باهر، ولهذا السبب قَبِلَ الرئيس شفاعته في ابنه، وتم إنقاذه من الإعدام رميا بالرصاص، وهو المصير الذي واجه زملاءَه الآخرين.
واستطرد الباحث ولد شيخنا: بحسب معلومات دقيقة، حصلتُ عليها مؤخرا، فإن منفذ العملية شاب صغير قادم من معسكرات ولد حرمة في مالي، وكان يحمل معه قنبلة يدوية... جاء الشاب المذكور، الذي يُدعى (الـ... ولد أ...)، بتوجيه من قيادته في مالي لتنفيذ العملية، وقد سأل قريبه (م. ف) الذي يوجد معه في المعسكر بمالي عن مكان ملائمٍ للإقامة في النعمة، فأرشده إلى الإقامة في منزل الشريف امَّا اعْلِي ولد لحبيب، وربما يكون هذا هو سببُ الاشتباه الأمني في علاقة مفترضة للشريف امَّا اعْلِي بالعملية، رغم براءته التامة.
لقد نفذ (الـ... ولد أ...) العملية يوم 29 مارس 1962، حيث ألقى القنبلةَ على الضباط الفرنسيين، مما تسبب في قتل ثلاثة منهم، وجرح 13 من الفرنسيين ومن الموريتانيين، ثم تسلل بهدوء وعاد أدراجه إلى معسكرات ولد حرمة في مالي، ومنها إلى المغرب رفقة قريبه (م. ف)، بعد تفكيك معسكر مالي عام 1963. وقد اكتسب (الـ... ولد أ...) الجنسية المغربية، مما خوله الهجرةَ إلى أوروبا، حيث يقيم منذ العام 1966 في بلد أوروبي صغير، أصبح يحمل جنسيته، ويقيم في إحدى مدنه الشهيرة إلى لحظة كتابة هذه السطور.