مواجهة الوضع الماساوي لبلدان عربية كثيرة توجد الآن في مركز استهداف التدخل الدولي والإقليمي، وحليفهما المحلي : حكومات رجعية عميلة و قوى طائفية ومذهبية استقوت بالاحتلال لتُمعن في التخريب المجتمعي والترهيب الفكري والديني، مواجهة تستدعي من القوى الوطنية والقومية تأسيس مشروع سياسي على مستوى كل قطر، يكون قومي الأبعاد، اجتماعي المحتوى، عقلاني الخطاب يركز في المرحلة الراهنة على مواجهة الاحتلال ودحر قواه الاساسية: امريكا، الكيان الصهيوني، دولة الصفويين في إيران، والنازعين الى العهد السلجوقي من حكام تركيا .
ففي ظل الاحتلال والتدمير المتواصل وُضعت دول كاملة من وطننا العربي تحت الاحتلال: العراق، واغلقت مساحات كاملة من أخرى بسكانها ومواردها ومرجعياتها أمام سيادة الدولة لتسقط تحت سلطة المجموعات التكفيرية والعصابات المسلحة والمليشيات العرقية، وحتى تحت تسلط قبضة المافيا وصغار المجرمين.
إن المسؤولية التاريخية تقتضي التحرك لوقف فوضى الاحتلال والتقسيم والتفكك والتدابر واستقواء بعضنا على بعض بعدونا المشترك، وبذل مبلغ الجهد لوقف الانكشاف والحفاظ على ما هو موجود من كيانات مهما كانت هزيلة وذات قابلية لأن تُستخدم ضد الأمن القومي العربي الذي هو واحد لا يتجزأ، ما ينطبق فيه على فلسطين ينطبق على المغرب وتونس والعراق وليبيا واليمن وسوريا وكل قطر عربي مهدد في وحدته الوطنية واستقلاله.
هذا الامر هو ما انتبه إليه برؤية استراتيجية عميقة الرفيق القائد عزة ابراهيم الدوري الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي في خطابه الذي كان على مستوى الطموح القومي حين اشار إلى أن كيانات الدول والأقطار الموجودة بعد سايس بيكو ليست معطى عمرانيا عفويا ولا هي تطور حتمي مكتوب وإنما هي رغبة استعمارية في تلك الايام تبعها حد أدنى من التوافق أملته شروط معقدة أنتجتها بدورها سلسلة من الأزمات وأحيانا الانقطاعات الدامية، ورغم سوئها وماساويتها يجب الحفاظ عليها الآن، ودفن الماضي وجراحاته ووقف التدمير الذاتي من أجل صيانة حاضر الامة ومستقبلها، وضبط الجبهات والحدود الحالية في اتجاه واحد هو امن الأمة كاملة، بغض النظر عن حجم الخلافات البينية ، خصوصا داخل الفضائين الخليجي والشامي المرجحين لرجات خطيرة، يغذيها بشكل مباشر الاحتلال الايراني للعراق.