مهندس موارد معدنية يكتب تصورا للفرص المتاحة في ضوء لقاء الرئيس غزواني بالرئيس الأمريكي اترامب / رأي

خميس, 10/07/2025 - 11:29

في خطابه أمام الرئيس الأمريكي، تناول رئيس الجمهورية الفرص التي توفرها موريتانيا، والتي يمكن أن تقدمها للعالم أجمع، وللولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص، سبيلاً إلى تعاون مشترك قائم على مبدأ "رابح-رابح" (win-win). هذا الخطاب التاريخي يستحق التوقف عنده، خاصة من طرف المهتمين بالمجالات الاستراتيجية والحيوية التي تشكّل عماد التعاون الدولي، ومسرح التنافس الجيوسياسي العالمي.

تشكل موريتانيا تزاوجًا فريدًا بين عدة عوامل تجعلها أرضًا خصبة للاستثمارات المستقبلية في القطاعات الاستراتيجية:
- موقع جغرافي متميز: على ضفاف المحيط الأطلسي، قريبة من الأمريكيتين، وجزر الكناري الأوروبية، وتقع في قلب القارة الإفريقية، بين شمالها وجنوبها. هذا الموقع يجعلها صلة وصل جغرافية واقتصادية بين العوالم الثلاثة: العربي، الإفريقي، والغربي.

- مناخ مثالي للطاقة المتجددة: اتساع المساحات الصحراوية، وقوة الشمس والرياح، وتجاورها مع المحيط، كلها عوامل تجعل من موريتانيا بلدًا واعدًا لإنتاج الطاقة المتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر. وهذا ما جعلها بالفعل وجهة مفضلة لعدد متزايد من المستثمرين من الدول الغربية.
- ثروة جيولوجية ضخمة: تعد الجيولوجيا الموريتانية من أقوى نقاط القوة الاستراتيجية، حيث تضم أكثر من 900 مؤشر معدني مسجل، تشمل معادن نفيسة واستراتيجية كالنحاس، الذهب، الحديد، اليورانيوم، العناصر الأرضية النادرة، والماس.
كيف نغتنم فرصة التعاون مع الولايات المتحدة؟

1. المعادن والبحث الجيولوجي:
رغم الحديث عن مؤشرات مهمه وعن ثروات مؤكده من عدة مواد معدنية لا يزال باطن أرض يخبئ أسرارا كبيرة لم يكشف عنها حتى الآن ولا تزال غائبة نتيجة قلة الإمكانات وانعدام التكنولوجيا والاستثمارات الجادة في البحث الجيولوجي وبالتالي من خلال التعاون مع الولايات المتحده بإمكاننا إجراء مسح عام على المناطق المعروفه بمؤشراتها لتحديد المكامن الحقيقية لجميع المعادن من تربة نادرة ومعادن استراتيجية وذهب ويورانيوم وماس ووو حتى نتمكن من استغلال تلك الموارد في وقت لاحق.

2. البنية التحتية والتحويل الصناعي:
- المرحلة المقبلة تتطلب التركيز على تجهيز البنية التحتية الضرورية لنقل وتحويل المواد الخام، عبر:
- بناء سكك حديدية جديدة، خصوصًا في المناطق الداخلية ذات المؤشرات الواعدة.
- تشجيع إقامة مصانع تحويلية لتكرير خام الحديد وغيره، بدلاً من تصديره كمادة أولية خام.

3. الطاقة والصلب الأخضر: نحو إنتاج صناعي متكامل

في ظل الطلب العالمي المتزايد على الصلب الأخضر، يمكن لموريتانيا أن تلعب دورًا استراتيجيًا. فمع توفر الغاز الطبيعي في الداخل، يمكن تسريع استخدامه في مشاريع تحويل الحديد، عبر تقنية (DRI) Direct Reduced Iron
(الحديد المختزل المباشر) ، متبوعة بإنتاج Hot Briquetted Iron (HBI)، (الحديد المضغوط الساخن)، ما يُعد خطوة محورية نحو خفض انبعاثات الكربون، تمهيدًا للانتقال لاحقًا إلى استخدام الهيدروجين الأخضر في العملية نفسهاو إنتاج صلب أخضر محليًا، يُلبي طلبًا عالميًا متزايدًا من الشركات الساعية لتقليل بصمتها الكربونية.

ويُشار إلى أن تصدير الهيدروجين الأخضر نفسه لا يزال يواجه تحديات كبيرة تتعلق بتكاليف النقل وغياب البنية اللوجستية المناسبة، بينما الطلب على الصلب الأخضر آخذ في الارتفاع.

إنطلاقًا من كل ما سبق، يصبح من الضروري تشكيل لجنة عليا تتبع لرئاسة الجمهورية، تُعنى بتطوير رؤية وطنية واضحة لإدارة هذا الملف. تكون هذه اللجنة مكلفة برسم خريطة طريق استراتيجية، مبنية على:
-تقديم مصلحة موريتانيا أولاً.
- الاستفادة من موقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية.
-ترجمة الانفتاح على الولايات المتحدة إلى مشاريع حقيقية في مجالات المعادن والطاقة والصناعة.

إن المرحلة الراهنة تشكل فرصة ذهبية، ويجب أن نكون على مستوى التحدي، لأن من لا يحسن استغلال الفرص التاريخية قد يجد نفسه على هامش الجغرافيا والتاريخ معًا.

تصفح أيضا...