
تتأثر موريتانيا الشعبية كثيرا بما يجري في المشرق من أحداث؛ لأمر يعود بالأساس إلى الإفراط في الاستهلاك الإعلامي لوسائل الإعلام المسموعة والمكتوبة قديما، والمرئية حاضرا.
وفي هذا السياق تعود علاقة الموريتانيين للتطبيع مع إيران الخمينية بقوة؛ عبر تداول مقاطع المرشد خامنئي، وهو يتحدث اللغة العربية الفصيحة، وأبيات الشعر الرقيقة.
فكيف بدأت علاقة موريتانيا بإمام الشيعة الإيرانيين في العصر الحديث؟
في منتصف عام 1978 كانت موريتانيا الرسمية والشعبية مشغولة بانتقال السلطة، في إثر الانقلاب العسكري على الرئيس المؤسس المرحوم المختار ولد داداه؛ بينما كان الإمام روح الله الخميني، في ضاحية بباريس يُعد العدة للحاق بالشعب الإيراني الهادر ضد سلطة الشاه.
في العام الموالي 1979 كان كل شيء جاهزا ليكون الإمام وقائد الثورة، الخميني المرشد الأعلى لدولة إيران الجديدة بعد توديع المَلكية...
لا شك أن العسكريين وهم في مرحلة "الأسماء المتغيرة" في هرم السلطة بين المصطفى ولد محمد السالك والمختار وأحمد بوسيف ومحمد محمود ولد لولي، لم يفتحوا قناة على إيران الجديدة؛ لكن الحركات السياسية تأثرت بما يجري طموحا لاستيراد ثورة توصل إلى كرسي الحكم، لكنه حلُم ظل أخرس أعمى عن التحقق.
لم تُصدر الثورة إلى موانئ نواكشوط السياسية، وظل التأثير محدودا في كتيبات بالنسبة للساسة، لكنه بدا شعبيا أكثر قوة.
ستظهر في هذه الفترة أسماء ذكور وإناث أطلق عليهم أهلوهم اسم "الخميني"؛ ووصل التأثير والتأثر إلى السوق، حيث سيُعرف "بژاه الخميني"، وهو من أجود أنواع "ادراريع لمظلع" حتى يوم الناس هذا.
ومعلوم أن هذا "المدّ الشيعي" في موريتانيا سينحسر كثيرا لصالح الانتشار القومي العربي (البعثيون، الناصريون، اللجان الثورية)، خاصة مع اندلاع الحرب الإيرانية- العراقية في مطلع الثمانينات.
وهكذا شهد عقدا الثمانينات والتسعينات ونصف عقد الألفية الأول قطيعة "سياسية وفكرية وروحية" بين موريتانيا الشعبية وإيران الخمينية، لعدة أسباب أبرزها دائما الانتصار لعراق صدام... إلى أن لمع نجم السيد حسن نصرالله في حرب تموز 2006 ومواجهته لإسرائيل وخطاباته المتحدية.
وأخيرا هاهي علاقة موريتانيا الشعبية تعود بملالي إيران، وسط تعاطف جارف مع طهران في مواجهتها الحالية مع إسرائيل، وقبول كبير لخليفة الخميني آية الله علي خامنائي.
عبدالرحمن المقري