افتتاحية حزب الصواب / الأربعاء 06/11/2024
(قتل المعنى)
من الإنجازات الملموسة لأنظمتنا المتعاقبة فك الارتباط بين الرزق و الحياة فهناك أحياء لا يرزقون محرومون من رعاية الوطن ورحمة الدولة و هناك (مرزوقون) غير أحياء مات فيهم الضمير وشعور المسؤولية اتجاه مجتمعهم .
ومن تلك الإنجازات فك الارتباط بين الأسماء والمسميات فلم يعد لأي شيء حظ من اسمه فكلمات مثل الحرية والديمقراطية ومحاربة الفقر ليس لها مدلول في واقعنا المعيش، بل هي هياكل لغوية فارغة تلوكها الألسن، وتُجسد التجلي الكامل للخواء، فلا حرية لجائع ولا ديمقراطية بدون ديمقراطيين ومؤسسات تحميها وتحميهم .. أما محاربة الفقر فهي في حقيقتها المشاهدة محاربة الفقراء والسطو عليهم .
إن هذا التنافر بين الأسماء والمسميات يعبر عن مرحلة متقدمة من التيه تسير فيها الأمور عندنا ببوصلة عقاربها عكس الشمال دائما، .
و من تلك الإنجازات وأطرفها فك الارتباط بين الموت و الدفن فهناك أموات كان ينبغي دفنهم منذ زمن، رفقا بهم وبالأحياء من قومهم، و لكنهم تُركوا بين الأحياء ينشرون ثقافة الموت والخَوَر ،،، و هناك أحياء : نوابغ ، مثقفون ، مناضلون ، تقدميون، قوى حية..... يجري دفنهم يوميا في رمال البلاد المتحركة سواء كانت رمال السياسة أم الثقافة أم الاقتصاد، و لهذا نحن في الذكرى الرابعة والستين لاستقلالنا الذي تعيش شهره بإنجازات معدومة وفي أحسن الحال متواضعة في الصحة والتعليم وشبكات توزيع المياه والكهرباء والطرق والإنارة العمومية … أما بناء شبكات تنمية الذات والتوقف عن احتقارها فلم تخطر لأحد منهم على بال. .
في العالم توجد ثقافتان: ثقافة الحياة و ثقافة الموت و الخشية قائمة من أننا ننحاز إلى الأخيرة، في وقت يسعى غيرنا لظفر الحياة ونيل الكرامة بغير التمني واجترار الوهم وقتل المعنى