ليست زيارة الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري، إلى موريتانيا حدثاً عاديا في الإقليم؛ وهو ما يحتم أن لا تمر بين الأخبار اليومية دون تحليل.
فهذه الزيارة تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة توترات ملحوظة، خاصة مع الأوضاع المعقدة في مالي.
ورغم أن الزيارة تمت بدعوة رسمية من نظيره الموريتاني، إلا أنها تحمل دلالات استراتيجية عميقة.
أحد العوامل الأساسية وراء هذه الزيارة هو الدور المتنامي لموريتانيا في الساحة الإقليمية، خاصة بعد توليها رئاسة الاتحاد الإفريقي. هذه الرئاسة تعطي لموريتانيا منصة لتعزيز دورها كوسيط محتمل في الأزمات الإقليمية، ومن بينها الأزمة المالية.
في هذا السياق، تتداول تقارير تتحدث عن إمكانية وساطة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، وهو ما يعكس ثقة دولية في قدرته على المساهمة في حل النزاعات.
في هذا السياق أيضا تبرز الوساطة التي يقوم بها الرئيس الغزواني في الأزمة الليبية كأحد أهم الأدوار الدبلوماسية التي تسعى لتعزيز مكانة موريتانيا في المنطقة.
وهذه الوساطة التي ذخلت حيّز التنفيذ بالفعل تعزز من موقف موريتانيا كداعم للاستقرار الإقليمي، وتساهم في تأكيد دورها كقوة فاعلة في معالجة الأزمات في شمال إفريقيا، ما يتماشى مع الزيارة التي قام بها شنقريحة.
كما أنها تعكس رغبة الجزائر وموريتانيا في التعاون المشترك لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وهو ما يعد عاملاً مهماً في ظل التوترات المتزايدة.
بالإضافة إلى ذلك، تأتي زيارة شنقريحة بعد أشهر من زيارة مماثلة من قبل المفتش العام للقوات المسلحة المغربية، مما يعكس حرص نواكشوط على تحقيق توازن في علاقاتها مع الجارتين الجزائر والمغرب.
ومن هنا يمكن اعتبار زيارة شنقريحة فرصة لتعزيز التعاون العسكري والدفاعي بين الجزائر وموريتانيا. في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها المنطقة، وخاصة الأزمات في مالي وليبيا، فإن هذه الزيارة قد تعكس رغبة الجزائر في استثمار العلاقات مع موريتانيا كداعم استراتيجي في مواجهة هذه التحديات.
بالمجمل، تعكس زيارة شنقريحة لنواكشوط محاولات الجزائر لتعزيز نفوذها الإقليمي وسط تعقيدات العلاقات الدولية والمحلية، وتسعى إلى تعزيز التعاون العسكري مع موريتانيا، في وقت تحاول فيه نواكشوط تعزيز دورها كوسيط في الأزمات الإقليمية.