لا تخطئ الحاستان سماع شخصية رسمية موريتانية تعبر بوضوح عن تنديدها بعمليات القتل والتدمير التي تنفذها الآلة العسكرية الإسرئلية، بإيعاز من قادة الشأن في إسرائيل، أو تدوينة جرئية تشيد بالمقاومة، وتتألم لما يعانيه سكان غزة؛ أطفالا ونساء وشيوخا…
ولا يخلو مبنى لهيئة من هيئات استلام التبرعات الخاصة بغزة من زيارة في وضح النهار لداعم للرئيس وحزبه لغرض التبرع لأهل غزة، حتى أن برلمانيو الإنصاف ومنتخبوه بادروا بالتطوع من رواتبهم لصالح سكان غزة المحاصرين .
ويكاد صدى الفعل الشعبي الموريتاني تعبيرا وتبرعا، يكون الأكثر وضوحا ووفاء من بين الأصوات الجماهيرية التي نتابعها.
فمن صنع هذا الموقف، ومن ساهم في جعل الجماهير على المستويين الرسمي والشعبي تفصح عن موقفها؟
أعتقد أن المواقف الصريحة والسريعة التي أعلنتها السلطات العليا؛ بدءا ببيان الخارجية، وصولا إلى خطاب رئيس الجمهورية في القمة الاستثنائية بالقاهرة، مرورا بكل التصريحات والتعاليق الرسمية الجريئة التي طبعت الموقف الموريتاني، هي التي ساهمت في خلق هذا المشهد، الذي أذن للكل بالإبانة بلا قيد، وأنه لولا ذلك، لما جرُؤ أغلبنا على الوقوف مع إخوته في غزة، ولظلت التعاليق الخجولة والتلميحات المحتشمة، أبرز ملامح تناغم الشارع الموريتاني مع الوضع في فلسطين.
أعتقد أن هذه هي الحرية التي نحتاجها؛ حريةٌ تلامس الوجدان ولا تخدش في الشرف، وأعتقد أنه من واجب قادة الرأي؛ سياسيين ومفكرين أن يقفوا عند هذا الموقف، الذي أرجو أن لا يمر دون أن نعبر جميعا عن تقديرنا لانتمائه لرغبة كل أهل هذه الأرض باختلاف أهوائهم ومنازعم.