يروي عميروش هامار -وهو من أول المصابين بفيروس كورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد-19 في فرنسا- تفاصيل تجربته المضنية مع المرض.
وقالت الكاتبة كارولين بيكيه في تقريرها الذي نشرته صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية، إن تاجر الأسماك عميروش هامار البالغ من العمر 53 عاما، قد أعلمه قبل أيام بيار إيف كوهين رئيس قسم الإنعاش بمستشفيات ابن سينا في بوبيني وفي جان فيردييه في بوندي (سانت دينيس)، بأنه المريض رقم صفر المشتبه به في فرنسا.
وفي حديثه عن تأكد إصابته بفيروس كوفيد-19، بعد التثبت من النتائج مرتين، وذلك بعد أن أسعف إلى المستشفى في أواخر ديسمبر/كانون الأول، أكد هامار أنه صدم من هذا الخبر لأنه مصاب بداء السكري، مشيرا إلى أنه تبادرت إلى ذهنه صور جميع الضحايا عبر العالم الذين لقوا حتفهم.
ارتباك الأطباء
شعر عميروش هامار -وهو أب لأربعة أطفال- بالأعراض الأولى للمرض في 20 ديسمبر/كانون الأول، حيث قال إنها "بدأت بسعال جاف"، ثم بعد زهاء أربعة أو خمسة أيام، ارتفعت درجة حرارته لـ"تتجاوز 40 درجة مئوية".
في البداية، اعتقد أنه يعاني من الإنفلونزا الموسمية، لكن درجة حرارته لم تنخفض وبدأ يشعر بألم في صدره ازدادت حدته بمرور الوقت. في مساء يوم 26 ديسمبر/كانون الأول، تعكرت حاله وبدأ يبصق الدم، وهو ما دفعه إلى التوجه إلى غرفة الطوارئ في صباح اليوم التالي، حيث وضع في وحدة العناية المركزة ووصل بآلة التنفس الاصطناعي.
أشار عميروش إلى أن زوجته أصيبت بالذعر عند رؤيته في تلك الحالة، وقد اعترف بأنه حينها شعر بـ"قرب نهايته". وفي وصفه لحاله، قال عميروش "كان الألم في صدري شديدا جدا ويشبه الطعن، أخبرني الأطباء أنها عدوى شديدة في الرئة. لكنهم اعترفوا بأنهم يعيشون وضعا مربكا جدا"، مرجحين أن فترة التعافي ستمتد بين ستة وعشرة أيام.
من نقل له العدوى؟
من المستغرب أن يصاب عميروش بالفيروس خاصة أنه لم يسافر مؤخرا ولا تربطه أي علاقة بالصين، لكنه أوضح أن زوجته ظهر عليها بعض الأعراض على غرار السعال الجاف والقليل من الحمى لمدة ثلاثة أيام.
زوجة عميروش تعمل أيضا في بيع الأسماك في أحد محلات السوبرماركت، وهو ما يجعلها تحتك بالعديد من الأشخاص يوميا. أفاد عميروش بأن "لديها الكثير من العملاء الأجانب الذين يشترون السمك الطازج قبل ركوب الطائرة إلى رواسي، فضلا عن أنها تعمل إلى جوار قسم السوشي، حيث يعمل الآسيويون".
فضلا عن ذلك، أصيب اثنان من أطفال الزوجين الأربعة، ولكن "لحسن الحظ، لم يدم الأمر طويلا، وإنما استوجب وضعهما الصحي نقلهما إلى الطوارئ للتثبت من استقرار حالتهما".
الأثر الرجعي للتحليل
وأوردت الكاتبة أنه لو لا حدس البروفيسور إيف كوهين وزميله الدكتور جان رالف زهار، لما علم عميروش هامار أنه أصيب بفيروس كورونا.
وقد قرر الاختصاصيان إعادة فتح ملفات 14 مريضا دخلوا إلى مستشفيات العناية المركزة لعلاج الالتهاب الرئوي في ديسمبر/كانون الأول ويناير/ كانون الثاني. ففي تلك الفترة، أجريت اختبارات للتحقق من وجود إصابات بالإنفلونزا أو فيروس تاجي محتمل ولكن ليس كوفيد-19، نظرا لأن هذا الفيروس لم يكن معروفا حينها.
وعلى الرغم من أن جميع الاختبارات كانت سلبية، قام الأطباء بتجميد العينات المأخوذة. وبعد أسابيع، اكتشفوا أن تحليل عميروش كان إيجابيا وأنه كان مصابا بكوفيد-19، وذلك قبل شهر واحد من تسجيل الحالات الثلاث الأولى على الأراضي الفرنسية.