كثيرا ما نرى إحصائيات دولية، تحصدُ فيها "قطر" المواقعَ الأولى في مُعدَّلات التنمية العربية، وحتى العالمية، من حيثُ الثراءُ الاقتصادي، ومُتوسطُ دَخْلِ الفرْد، والانفاقُ العلمي، وجودةُ التعليم، وجودةُ الصحة، ومكافحة الفساد، والأمن الغذائي، والأمن ضد مخاطر الإرهاب.....
لكن الأمْر الذي لمْ تهتمَّ به هذه الإحصائياتُ الماديةُ -غالبا- هو مُعَدَّلُ الأخْلاقِ لدى القطريين، فمُؤشِّرُه أرْفعُ من كلِّ تلْكَ المُعَدَّلاتِ الداعيةِ إلى الحَسَدِ.، بلْ إنَّها -جميعا- ليستْ إلَّا ناتجا لهذا البُعْدِ الأخلاقي الأصيل.. في نفوسِ هذا الشعْب العربي الكريم المتواضعِ بطبْعِه، وإذا كانَ العابرُ بدولة قطر يلْمَسُ ذلك، والمُقِيمُ بها يُدْركُه حقَّ الإدْراكِ، فإنَّ المَظْهَرَ الأخلاقي في السِّلْمِ والرخَاءِ، لا يَتَحَقَّقُ جوْهرُه، إلَّا إذا اخْتُبِرَ في ظلِّ الشدَّة والبَأساء والضرَّاء، وذلك ما كشفتْ عنْه الأزمةُ الحاليةُ، التي تَمُرُّ بها قطر، حيث لمْ يؤثِّرْ هوْلُ الصدْمة، ولا شراسَةُ الهُجُومِ، ولا بَشَاعَةُ الحِصَارِ والمُقاطَعَة، ولا خيْبَةُ الأمَلِ في الأهْلِ وذَوِي القُرْبَى.. والحُلَفَاءِ... علَى جوْهَرِ الأخْلَاقِ القطرية، التي انتصرتْ، وسَجَّلتْ تفوُّقا عاليا، في خِطاب إدارةِ الأزمة.. وفي مُعاملة أطرَافِها، فقد كان لديها الكثيرُ ممَّا لوْ قطعتْهُ عمَّنْ قاطعُوها.. لَتضرَّرُوا... في الصمِيم...لكنها تعالتْ على جرْحها النازف..