جلس الرجل السبعيني بين أفراد أسرته في حي الزمله بمدينة ازويرات بعد صلاة العشاء في يوم من أيام الصيف الحارقة يحكي تفاصيل قصته المؤثرة مع شعيرة الحج التي تعلق بها قلبه كثيرا رغم فقره المدقع فتضرع لله بكرة وأصيلا و على مدى أربع سنوات دون كلل أو ملل من أجل أن يمنحه فرصة العمر في زيارة أرض تعلق بها كثيرا بحثا عن ميلاد جديد بعد خروجه من الشعيرة الدينية كيوم ولدته أمه فوفر الله له الأسباب مستجيبا لدعواته.
عرف محمد سالم ولد اعمر شين الذي كان يقطن بواد امحيرث ببروره لوالديه وقد دفعه حب وضعهم في ظروف مقبولة للبحث عن العمل فالتحق سنة 1981 بطبقة الجرنالية العمالية بمدينة انواذيبو التي تعمل لصالح شركة سنيم قبل أن يتحول إلى ازويرات سنة 1990.
بعد استقراره في ازويرات نقل الوالدة من امحيرث إلى ازويرات لتقطن معه من أجل أن تعيشا معا حياتهما بحلوها ومرها وهو أنذاك يتقاضى راتبا لا يتجاوز 13 ألف أوقية قبل أن يوافيها الأجل سنة 1997.
اشترى محمد سالم بيتا سنة 1998 في حي الزمله وظل يسدد ثمنه أقساطا حتى سنة 2013.
يستخدم ولد أعمر شين عربة حمار في عمله اليومي منذ تقاعده من الجرنالية سنة 2005 ويتذكر أنه طلب من شركة سنيم صناعة عربة لصالح من أجل مزاولة نشاط خاص به وقد استجاب له المهندس يحيى ولد بيبه الذي كان يدير مصنع كلب الغين آنذاك وأمر بصناعة العربة فيما ساعده قريبه المهندس في نفس الشركة محمد ولد بوبه بمبلغ 50 ألف أوقية اشترى بها الحمار حيث بدأ مزاولة نشاط نقل الأمتعة لصالح سكان الأحياء الشعبية في مدينة ازويرات وهو النشاط الذي يقول ولد اعمر شين إنه أصبح شبه عاجز عن ممارسته الآن .
تعلق قلبه بالحج فكان له ما أراد
بدأ شغف محمد سالم ولد اعمر شين بزيارة بيت الله الحرام وأداء فريضة الحج قبل 4 سنوات من الآن رغم ما يعيش فيه من فقر مدقع فعندما فتح باب التسجيل لأداء الفريضة في مدينة ازويرات خلال السنة الأولى سجل اسمه على اللاوائح مع ابنه المرافق له فكان من بين الذين أفرزتهم القرعة دون أن يجد إمكانية للحج بسبب وضعيته الصعبة فتوجه إلى الباري عز وجل متضرعا عساه يسهل له المهمة.
وفي السنة الموالية أعاد الكرة من جديد فسجل مع مرافقه على لوائح الحج لينجح في القرعة مرة أخرى ثم يعود إلى البيت متوجها إلى الله تبارك وتعالى سائلا أن يوفقه في أداء الحج وهكذا أصبح كل اهتمام ولد اعمر شين أن يؤدي فريضة الحج فيمضي معظم وقته داعيا الله أن يوفقه في مبتغاه ويسرد محمد سالم كيف حاول أن يلتقي برئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز أثناء زيارته لمدينة ازويرات ليطلب منه منحه فرصة الحج على حساب الدولة لكن غوغاء يقول ولد اعمر شين وتروا الجو دون أن أتمكن من لقائه مضيفا أنه حاول مرة أخرى لقاءه أثناء زيارته لأطار لكن دون جدوى فعاد أدراجه إلى ازويرات داعيا الله أن يوفقه في تحقيق أمنيته
أعاد ولد أعمر شين الكرة من جديد فسجل للمرة الثالثة على لوائح الحج فجاءت القرعة لصالحه غير أنه لم يوفق في أداء الفريضة بسبب عجزه المادي ومع ذلك لم يقنط من رحمة الله وواصل الدعاء وأبتهل وتضرع
ثم سجل مرة أخرى في الفرصة الرابعة وهذه المرة دون مرافق ثم كان من بين الذين أفرزتهم القرعة ومنذ خروج اللوائح بدأ في الدعاء والتلبية وبوتيرة متسارعة دون كلل ولا ملل فالرجل مقتنع أن الله إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
كيف استجاب الله لدعاء ولد اعمر شين
في وقت كان فيه محمد سالم ولد اعمر شين يفكر كيف سيحقق أمنيته دخل عليه مبعوثان من بلدية ازويرات سألاه هل عنده بطاقة تعريف وطنية ولما أجابهم بنعم قالا له إن عمدة بلدية ازويرات اتصل بهم هاتفيا وهو في كندا وسألهم هل يعرفون رجلا يدعى محمد سالم ولد اعمر شين فأجاباه بنعم فأمرهما أن يدفعا له المبلغ المالي المطلوب للحج إذا كان يتوفر على بطاقة تعريف وطنية ثم أمرا ولد اعمر شين بالتوجه إلى البلدية في صباح اليوم الموالي وهكذا وعند وصوله توجها به إلى البنك الموريتاني للتجارة الدولية ودفعا له تكاليف الحج وهي تزيد على مبلغ 1 مليون و400 ألف أوقية ففرح فرحا شديدا لكنه اصطدم بعقبة أخرى
عقبة جواز السفر وفصة المعزاة
عند عودة ولد اعمر شين للمنزل تبين أن عقبة أخرى لا تزال تنتظره وهي استخراج جواز للسفر لا بد منه لكل من أراد حج بيت الله الحرام حيث لا يتوفر على المبلغ المطلوب لاستخراج الجواز فاتصل فورا بأحد مبعوثي البلدية وأخبره بعدم توفره على المبلغ المطلوب وطلب منه أن يخبر ولد بايه لكن المسؤول اعتذر بأن ليس بإمكانه أن يتصل به في الوقت الحالي بحجة أنه في الخارج مطمئنا بأن مشكلة الجواز سترى طريقها إلى الحل دون أن يُبين له كيف ذلك.
في الصباح الموالي حاول الشيخ أن يستصدر الجواز مجانا من خلال دعم رئيس مركز استقبال المواطنين في مدينة ازويرات لكن الأخير أبلغه أن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يستصدر بها جواز سفر هي دفع مبلغ 30 ألف أوقية.
عاد سائق عربة الحمار إلى منزله فأخذ المعزاة الوحيدة التي يمتلكها ليخرج بحثا عن بيعها وبعد رحلة طويلة تلقى فيها الشيخ أثمانا لا تفي بالغرض وفقه الله مرة أخرى ببيعها بمبلغ ثلاثين ألف أوقية فذهب مسرعا إلى مركز استقبال المواطنين من أجل تقديم طلب باستصدار جواز السفر المطلوب بعد دفع المبلغ في الخزانة الجهوية وهنا تفاجأت إحدى السكرتيرات وهي آمنة بنت فايده فسألت الشيخ كيف تمكن من الحصول على ثمن جواز السفر فأخبرها أنه باع معزاته ودفع ثمنها للخزينة فما كان منها إلا أن جلبت له في مساء نفس اليوم معزاة جديدة ربطتها في نفس الموقع الذي كانت فيه المعزاة الأولى.
انتشرت القصة الغريبة لحج ولد اعمر شين في مدينة ازويرات انتشار النار في الهشيم فتداولتها الألسن وشغلت الرأي العام في المدينة وعمد البعض على تحريفها عن قصد أو غير قصد فاتصلت ازويرات ميديا بالرجل في منزله لسماع قصة الحج الغريبة من صاحبها مباشرة فزارت ولد اعمر شين قبل أيام وأجرت معه لقاء سرد فيه كل تفاصيل القصة.
ويمكنكم الاطلاع على المقابلة بالصوت من خلال الضغط على الرابط التالي
من عنده حاسوب يمكنها الاستماع للمقابلة مباشرة بالضغط على الرابط ومن عنده هاتف أو آيباد يمكنه الاستماع عن طريق برنامج ساوندكلود بالضغط على الرابط الأحمر أو الاستماع عن طريق محرك البحث بالضغط على الرابط الأسود