هل مهدت الرواية طريقها في بلد المليون شاعر؟

أحد, 10/03/2024 - 12:12

في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وحين أعلن المجلس الأعلى للثقافة في مصر فوز الروائي الموريتاني محمد فاضل عبداللطيف بجائزة "نجيب محفوظ" لأفضل رواية عربية عن روايته "كتاب الردة"، انتبه النقاد والقراء العرب للسرد الموريتاني المعاصر وتتابعت بعد ذلك فتوحات الرواية الموريتانية، إذ رشحت في محافل أدبية رصينة لنيل جوائزها مما دعا بالنخبة الأدبية في نواكشوط لطرح السؤال حول مآلات علاقة الموريتانيين بالشعر الذي عرفوا بنظمه حتى لقبوا بـ "بلد المليون شاعر".

 

الشعر باق ويتمدد

 

وفي وسط العاصمة الموريتانية نواكشوط لا يمر أسبوع من دون الإعلان عن تنظيم بيت الشعر لأمسية شعرية يتهادى إليها عشاق القصيد ويلقي فيها الشعراء آخر إنتاجاتهم الأدبية، وبالنظر إلى كثافة الأنشطة والاهتمام الرسمي والشعبي بهذا الجنس الأدبي لا يبدو أن هناك مؤشرات على تراجع مكانة الشعر وجمهوره.

 

ويرى الشاعر المنسق الثقافي لبيت الشعر في موريتانيا محمد أدوم أن "الشعر حتى الآن أهم ممارسة ثقافية وفنية تستقطب جمهوراً وتحظى أنشطتها بتمويل حكومي ولها مكانتها المعتبرة في المجتمع، وأتحدث هنا عن الشعر بشقيه الفصيح والحساني".

 

بينما يعتقد الكاتب الموريتاني محمد عبداللطيف أن "الوفرة تدمر تماماً مثل العوز، كما يقول المثل الإنجليزي، وفرة الشعر وتشابهه شوشتا الذائقة محلياً".

 

لكن الشاعر خالد عبدالودود يؤمن بأن "الشعر يحجز المكانة الأعلى في رفوف الذائقة الموريتانية، ولم تتراجع تلك المكانة لكن هذه الذائقة بدأت تنفتح على الألوان الأدبية الأخرى".

 

صعود السرد

 

ومنحت قيم الحداثة التي هبت على بوابة الوطن العربي متأخراً نسبياً قيمة مضافة للسرد، فمؤرخو الأدب يرون أن الموريتانيين لم يعرفوا الرواية قبل رواية الأسماء المتغيرة مطلع الثمانينيات، لكن المفارقة أن كاتبها في الأصل شاعر وهو أحمدو عبدالقادر.

 

ومنذ ذلك التاريخ بدأت الرواية في رحلة صعود وإن بدت بطيئة وشاقة، إلا أنها استطاعت الوصول إلى مكانة تهدد الشعر في نفوس الموريتانيين.

 

وعن هذه الجزئية يقول محمد أدوم إن "الرواية بصورة عامة شهدت صعوداً في المنطقة العربية، ولم تكن موريتانيا بمعزل عن ذلك الصعود، فمنذ قال جابر عصفور بـ ’زمن الرواية‘ بدا جلياً أن السرد حاول التسلق إلى ذائقة الجمهور العربي عبر احتلال مساحات كانت مخصصة للشعر"، مستدركاً "أرى أن الرواية تطورت كثيراً لكنها لم تأخذ مكانة الشعر".

 

ويرى الشاعر خالد عبدالودود أن "صعود السرد مسألة طبيعية في عصر الانفتاح الإعلامي والثقافي، خصوصاً لأن السرد أصبح أدب العصر".

 

بينما يرى صاحب رواية "كتاب الردة" محمد عبداللطيف أن "الرواية الموريتانية تشهد صعوداً وتتوالى الجوائز مكرسة وجودها بعد أن قبعت أربعة عقود في الظلام، فالكتاب الشباب يقودون هذه المرحلة بعد أن تخلصوا من إكسسوارات الشعر والقاموس، وأصغوا إلى وقع الحياة".

زمن الرواية الموريتانية

ويروق للكتاب الشباب الموريتانيين وصف هذا العصر بزمن الرواية، وعلى رغم تفاؤلية الوصف إلا أن شواهد وقرائن تغذي هذا الطرح، إذ فازت رواية موريتانية بجائزة شنقيط التي يقدمها الرئيس الموريتاني وتعتبر أهم تكريم أدبي يقدم في موريتانيا.

ويرى محمد أدوم أن "وصف المرحلة بمرحلة الرواية الموريتانية يعتبر مصطلحاً كبيراً، أو في الأقل أكبر من الواقع، فالرواية الموريتانية تطورت على مستوى الكم، غير أنها لا تزال متأخرة في ما يتعلق بالكيف".

أما الشاعر خالد عبدالودود فلا يستنكر وصف مرحلة الرواية الموريتانية قياساً على نجاح الكتاب الموريتانيين في جوائز أدبية عالمية تماماً كما حدث في الشعر.

ويرى الكاتب عبداللطيف أن "صعود السرد ظاهرة عالمية، وموريتانيا ليست استثناء"، مشيراً إلى أن "كثيراً من الشعراء رصد هذه التنقلات فانطلق نحو السرد، لأنه يقدم أنساقاً جديدة للتعبير وبإمكانه التماس مع هموم ولغة المدينة والضواحي من دون إسفاف، لأنه عكس الشعر ويقدم شيئاً حقيقياً نعرفه".

Independent عربية

تصفح أيضا...