سجال فقهي بين الشيخ الددو و محمد سعيد ولد بدي ( فتوى حول إقامة الجمعة بثلاثة في البيت _ كانت البداية )

جمعة, 03/04/2020 - 13:55

تابع السجال و أعد لمراسلون ملخصا عنه : المصطفى ولد الحافظ 

أثارت فتوى العلامة محمد الحسن  الددو  بجواز صلاة الجمعة بثلاثة داخل البيت  وبإمكان صلاتها عبر المذياع نقاشات وردود عديدة تناقلتها منابر التواصل الاجتماعي المختلفة،  ومن أبرز تلك الردود ما كتبه الشيخ العلامة محمد سعيد بن بدي المدرس في محظرة النباغية والأستاذ بجامعة شنقيط العصرية. 
وقد استدل الشيخ الددو على فتواه بأنقال من القرءان والسنة وكلام السلف وبعض الفقهاء، ولكن الشيخ محمد سعيد ناقشه في كل ذلك وبين له أن النصوص التي أوردها فيها نظر: استدلالا ونقلا، لأنه روى حديثا واستدل به على الجمعة في حين لم يثبت أنه كذلك بل يخص الجماعة لا الجمعة.كما نقل كلاما عن أبي الحق الاشبيلي بين الشيخ محمد سعيد أنه لا يوجد بتلك الصيغة التي رواها، وفي رد الشيخ الددو اللاحق اعتذر عن بعض ما ورد في كلامه من وهم وأخطاء بسبب الارتجال وظروف تسجيل الفتوى، وخاصة عزوه لحديث أسعد بن زرارة للبخاري وهو لا يوجد في البخاري،  إضافة الى انه حديث متكلم فيه ولم يرضه أصحاب الصحيح حسب ما قاله الشيخ سعيد. 
ومما استدل به الشيخ الددو لفتواه كونها توافق رأيا منسوبا لابي حنيفة وقد بين الشيخ محمد سعيد  بن بدي ان ابا حنيفة اشترط اذن الوالي فإن مات او عزل صلوا ظهرا حتى يقدم وال غيره، أما في حالتنا اليوم  فالولاة يمنعون اصلا لا انهم لم يأذنوا فقط، وبين أن هذه الفتوى غير جارية على مذهب الشافعي ولا مالك ولا احمد فهذه الفتوى بهذا النمط خرجت عن جادة المذاهب الأربعة، ووقع فيها التلفيق الممنوع في الاصول .
 وقد نبه  الشيخ الددو  في آخر  فتواه ان  العمل بهذه الفتوى لا يحل الا في حالات الضرورة لان هذا من أحكام الضرورة)
وهذا ما قوبل بانه يناقض قوله في اول الفتوى ان الجمعة بثلاثة دليله قوي ولا معارض له ولا مخصص لعمومه في الشرع فكيف يصبح فعله عند الضرورة مع ان دليله قوي وراجح فلو كان راجحا لوجب العمل به فالعمل بالراجح واجب لا راجح ولو كان كذلك ايضا لما اختص بوقت الضرورة.
وبعد رد الشيخ محمد سعيد عقب الشيخ الددو بتعقيب على مجمل الردود التي وصلته، جاء فيه: (ثم إنّه من واجبي أن أعرضَ بعض ما أسّستُ عليه الفتوى بإقامة الجمعة لثلاثة فأكثر في غير المسجد للضرورة، زيادة في البيان وإزالة لبعض اللبس.
أوّلا: خصوصيّة النازلة محلّ النزاع: إن هذه النازلة جديدةٌ، ولا نعلمُ نظائر لها حصلت في سالف العهد، وهي تقتضي النظر والاجتهاد، فالبحث عن حكمها بعينها في كتب المتقدّمين لا يعود على ذويه بطائل")
وقد عاد الشيخ محمد سعيد مجددا للرد على تعقيب الشيخ محمد الحسن بمقال عريض ،  حيث كتب في الرد على هذه النقطة نافيا كونها نازلة، (فتاريخ الإسلام لم يخل من أحداث أدت إلى تعطيل المساجد والجماعات. قال الذهبي في سيرأعلام النبلاء: وفي سنة ثمان: مبدأ فتنة البساسيري، وخطبب الكوفة وواسط وبعض القرى للمستنصر العبيدي، وكان القحط عظيما بمصر وبالأندلس، وماعهد قحط ولاوباء مثله بقرطبة،حتى بقيت المساجد مغلقة بلامصل، وسمي عام الجوع الكبير اهـ.
وقال المقريزي في كتابه السلوك لمعرفة دول الملوك:"وبطلت الأفراح والأعراس من بين الناس، فلم يعرف أن أحدا عمل فرحا في مدة الوباء، ولاسمع صوت غناء. وتعطل الأذان من عدة مواضع، وبقي في الموضع المشهوربأذان واحد. وغلقت أكثر المساجد والزوايا).
مل معتبرها اهـ .
وقد استدل الشيخ محمد الحسن الددو على فتواه بقول الإمام القرافي : "ولا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك بل إذا جاءك رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك لا تُجرِه على عرف بلدك، واسأله عن عرف بلده وأجره عليه، وأفته به دون عرف بلدك والمقرر في كتبك، فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أبدا ضلال في الدين وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين".
وعلق الشيخ محمد سعيد على هذا العزو بقوله:
"فهو كلام صحيح، لكنه عُدل به عن محله، فهو خاص بالأحكام المبنية على الأعراف، فتتغير بتغيرها، وقبل هذا الكلام متصلا به: "وعلى هذا القانون تراعى الفتاوى على طول الأيام، فمهما تجدد في العرف اعتبره، ومهما سقط أسقطه، ولا تجمد إلخ. فلو نقله الشيخ معه لكان أتم في بيان المراد. 
وإلى هذا يشير القرافي في الفروق أيضا بقوله: الأحكام المترتبة على العوائد تدور معها كيفما دارت، وتبطل معها إذا بطلت )
وقد خلص الشيح الددو إلى أن "إقامة الجمعة شعيرة من شعائر الإسلام، وهي مطلوبة في أهل كلّ بلد إلخ"،فأجابه محمد سعيد بقوله :هذا مسلم لا اعتراض عليه، لكن على الوجه الذي ثبت أن النبي صلى الله عليه كان يقيمها عليه، واستمر عليه أصحابه رضوان الله عليهم من بعده، فهو الذي تطمئن له النفوس وتنشرح له القلوب، ولا مطعن فيه لأحد.
فكونها شعيرة يقتضي إظهارها والإعلام بها وإقامتها بالمساجد الكبار؛ ليحضرها الناس، وأما صلاتها في البيوت برجلين مع إمام فهو مناف لذلك.

تصفح أيضا...