هل يمكن نقل الأفكار من إنسان إلى آخر عن بُعد، خيال أم تجربة علمية يمكن تحقيقها؟ هذا هو السؤال الذي قد يطرحه كثيرون حول "التخاطر الذهني حقيقة أم وهم".
أشار الكاتب إيروان لوكونت، في تقريره الذي نشرته مجلة "سيونس أي أفونير" الفرنسية، إلى أنه وقع إجراء تجارب نقل الأفكار من إنسان إلى آخر لكنها لا تزال بدائية ومحدودة النتائج، أبرزها يعود إلى تاريخ 28 مارس/آذار 2014، حين تمكن الباحثون من "الربط" بين شخصين تفصلهما آلاف الكيلومترات.
من الهند إلى فرنسا
ذكر الكاتب أن هذه "الفكرة الإلكترونية" الأولى أُرسلت من مختبر في مدينة "ثيروفانانثابورام"، الواقعة جنوب الهند، لتصل إلى ذهن شخص مقيم في ستراسبورغ الفرنسية. وللقيام بذلك، استخدم فريق من الباحثين تقنيات واجهة الدماغ والحاسوب التي باتت معروفة الآن (لأنها تعود إلى تسعينيات القرن الماضي).
تقوم هذه التقنيات على استخدام خوذة مزودة بقطب كهربائي حساس للموجات الكهرومغناطيسية التي تنبعث بشكل طبيعي من الدماغ. ومع كل فكرة ترد في الدماغ، تنبعث موجات كهرومغناطيسية مميزة لهذا النشاط الدماغي من عدد من الشبكات العصبية.
من الممكن إنشاء ملامح كهرومغناطيسية مميزة لكل واحدة من هذه الأفكار. بعد الخضوع لاختبار دقيق، تكون الخوذة قادرة بعد ذلك على تعرف ملامح الموجة المتناسبة مع أنشطة محددة (على غرار التقدم، والقفز، وإلقاء التحية) ومع بعض الصور مثل (الكلب، والسيارة ...)، والأحاسيس مثل (الحرارة والبرودة والخوف ...).
وقد استُخدمت خوذة مماثلة من الهند لتسجيل "أفكار" مرسل الإشارة. في إطار هذه التجربة، وكان على المرسل التفكير في "تحريك يديه" أو "تحريك قدميه". في الأثناء، وقع تشفير هذا الأمر الدماغي في شكل إشارة رقمية وأُرسل عبر الإنترنت إلى مستلمه أو متلقيه.
ولكن تكمن صعوبة التجربة في نهاية هذه السلسلة. فإذا كان من السهل نسبيا تشفير ونقل رسالة دماغية، فإن طباعتها في ذهن آخر مهمة مختلفة تماما.
جراحة معقدة
ستكون هذه العملية ممكنة باللجوء إلى الجراحة، وذلك من خلال زرع الأقطاب الكهربائية في دماغ متلقي هذه الرسالة.
أُجريت مثل هذه التجارب وبالطريقة ذاتها بنجاح على الفئران، حيث استخدم الباحثون تقنية تسمى "التحفيز المغناطيسي للدماغ". وحسب ما يُشير إليه الاسم، يُرسل هذا الجهاز سلسلة من النبضات الكهرومغناطيسية إلى الدماغ المتلقي، من أجل تعديل نشاطه.
ويوضح الباحثون في منشوراتهم أنهم وجّهوا هذه التحفيزات الدماغية حتى تُنتج في دماغ المتلقي وهم وجود بقعة ضوء. أو ما يعرف بـ"الوبصة", ويشبه هذا الأمر إلى حد ما التحديق في المصباح الكهربائي لفترة طويلة ومشاهدة صورته لبضع ثوان مجددا بعد إغلاق العينين.
"التخاطر" في اتجاه واحد
وقع نقل كلمتي "مرحبا" و"وداعا" بشكل صحيح من مُحاوِر إلى آخر، مع معدلات خطأ تقل عن 10%. و من المؤكد أنه لا يحدث "التخاطر" الموجه بشكل آلي إلا في اتجاه واحد، ناهيك عن أنه يحتاج أجهزة ثقيلة. ويعد الجهاز غير الجراحي أحد المسارات الدراسية الأكثر إثارة للاهتمام، لإرساء اتصالات بين الأذهان في المستقبل.
المصدر : الصحافة الفرنسية