في جلسة فوق سطوح أحد المنازل على جبل مكتظ بالبيوت المتراكمة، المتراكبة، جلسوا يلعبون لعبة الجرأة والحقيقة.التف عنق الزجاجة عند الأكثر جرأة وثرثرة فضحك الجميع... نظروا حولهم، قالوا بتحد وصوت واحد: ها هل تجرؤين أن تقولي ماذا تريدين؟ فانطلقت: أريد مساحات حرة نقول فيها ما نشاء، أرضاً خضراء، زيتونا تعشعش جذوره في سابع أرض  ونخلات حبلى تطاول السماء.

أريد أن لا تقتل الفتيات بدعوى الشرف ولا تزوج الصغيرة وتعامل كالإماء
أريد أن أحب وأعترف بحبي دون أن يحكم علي بالبغاء

صاح صوت من نافذة قريبة
:هل لنا أن نتمنى أمناً غير مشروط 
أمنا غذائيا ... أمناً صحياً ... أمناً لا يجعل لسان الحق أخرس ولا مربوط!

ثم فتحت نافذة أخرى وصوت جديد
:نريد وطنا يحبنا ونتبادل معه الوفاء 
من القلب أقصد وليس بالخطب والأناشيد البلهاء 

رد صوت خجول من المجموعة
:نريد أن نملأ الدنيا غناء 
تارة حب .. ثم شجن .. بعدها نجن وننط وندبك ونرقص بلا هوادة ... لتحط بنا الرحال على مقعد نستمع للست وهي تصدح ب .. كل ده كان ليه لما شفت عنيه .. 

جار آخر قرر أن يشارك عبر شرفته 
:هلا شربنا الشاي الحلو دون أن ينصحنا أحدهم بأن السكر أصل الداء
فلتخرس نشرات الأخبار المليئة بالموت 
فلتخرس أصوات القصف والطائرات الحربية، نريد أن يعلو صوت البلبل على شجرة الزيزفون، نريد أن نسمع النهيق والصهيل والعواء والمواء...
كل هذه الأصوات أحلى من صوت الناس التي فقدت أحبتها وهي تجهش بالبكاء

تحمس الجالسون في الحلقة 
فاجأهم الأكثر خجلاً
:حبذا لو نحكم أنفسنا ويكون لنا رأي
نخطىء ... نصيب ... 
نصل الى حدود نضعها لأنفسنا .. بإرادتنا .. بلا تزوير أو تدليس أو بغي

نريد ماءا نظيفا
وأكلا غير مسرطن 
علواه نخلص من كل المساحات الكبيرة المكدسة بالبضائع، ونرجع نشتري من عند دكانة أم سناء

صاح الجميع بابتسامة نحوه : آآه يا سناء

داهمهم صوت يأتي من بعيد 
:نريد بيوتا لا تدلف ولا تغرق في الشتاء 
نريد أن يكف الساسة عن الهراء 
ويموت التملق والتذلل والتسحيج والرياء

تشجع كل شخص في الحلقة وبدأوا بالتعبير على التوالي 
:نريد حدودا سهلة تضج بالابتسامات والترحيب  
لا تسألك عن مقاس قدمك وبرجك وتفصفص نسبك من جدك البعيد الى عديلك القريب!
:نريد أن نتوقف عن الشجب والنحيب 
:حبذا لو أن كل ما نستهلكه يكون ما نزرعه وما نصنعه ... يكون بسيطا، حقيقيا بدون اضافات ولا مواد حافظة ولا تعليب .
:نريد الحد الأدنى من الجريمة والسجون والحد الأعلى من العلم 
مرت هراوة في الشارع
صمتوا 
أحدهم لف الزجاجة 
عروب صبح