مع أن فوز الجنرال المتقاعد، محمد الغزواني، بمنصب الرئاسة في موريتانيا أصبح أمرًا واقعًا بعد أن أكده المجلس الدستوري الموريتاني الذي لا مرد لقراراته، فإن مرشحي المعارضة الموريتانية لم يضعوا أسلحتهم بعد؛ إذ قرروا اللجوء إلى القضاء الدولي لإنصافهم.
وشكل المرشحون الأربعة الخاسرون: ببكر وبيرام ومولود وحاميدو بابا، لجنة من ممثلي لجان العمليات الانتخابية في حملاتهم، مكلفة بدراسة الخروقات المسجلة، وتصنيفها إلى شق يوجه للرأي العام الوطني، فيما ستجري دراسة مدى إمكانية اللجوء إلى القضاء الدولي للطعن في النتائج.
وكان مرشحو المعارضة الأربعة قد أكدوا، في بيان مشترك أمس، «رفضهم للنتائج التي أعلنت عنها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات»، كما وصفوا قرار المجلس الدستوري الخاص باعتماد إعلان النتائج بأنه «قرار مخيب للآمال».
وضمن هذا السجال، انتقد المحامي الأستاذ الجامعي، يعقوب بوسيف، تصريح رئيس المجلس الدستوري الموريتاني، الذي أكد فيه، الإثنين الماضي، أن «المجلس اعتمد على نسخة من محاضر التصويت في الانتخابات الرئاسية الأخيرة لإعداد نسخته الخاصة لنتيجة الاقتراع، وأن النتيجة المؤقتة المقدمة من طرف اللجنة المستقلة للانتخابات جاءت مطابقة لنسخة المجلس تلك».
وقال في فتوى قانونية نشرها أمس: «إن مركزة وإعلان النتائج المؤقتة من اختصاص اللجنة الانتخابية (المادة 3/ف3 / القانون النظامي رقم 2012-027، الصادر بتاريخ 12 إبريل/نيسان 2012، المتعلق بإنشاء اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، المعدل)، وإن دور المجلس الدستوري بخصوص النتائج ينصرف لإقرارها وإعلانها النهائي، (المادة 15ج/ف1، الأمر القانوني رقم 91-027، الصادر بتاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول، المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخابات رئيس الجمهورية، المعدل).
وأضاف: «فات على الرئيس الموقر كذلك أن النتائج المؤقتة المعلنة من اللجنة الانتخابية ليست بالضرورة المحصلة التلقائية لما ورد في محاضر التصويت، بل هي محصلة ما وقر في رأي اللجنة سلامته من نتائج تلك المحاضر؛ إما لغياب طعن في صحتها، أو بعد التثبت من عدم تأسيس الطعون المقدمة بشأنها».
وأشار المحامي بوسيف أنه «لذلك لا يقدح في النتائج المؤقتة المقدمة من اللجنة عدم تطابقها مع تقديرات المجلس الدستوري، لأن نسخ المجلس من محاضر التصويت يضمن بها حفظها من العبث والتلف والضياع، وفي أقصى الحدود مجرد الاستئناس، ولا يمكن بحال من الأحوال أن تكون أساسًا للتأسيس».
وأكد المحامي بوسيف في تعقيبه «أن الطعن أمام المجلس الدستوري محله النتائج المحالة بصفة رسمية من طرف اللجنة الانتخابية، التي اعتمدت فيها النتائج الواردة في محاضر التصويت، ما يعنى عبثية الطعن حال إمكانية رفضه، تأسيسًا على نسخة من المحاضر نفسها، حتى إنها نسخة قد تكون سجلت عليها ملاحظات وطعون لم يبت بشأنها»، حسب تعبيره.
وقال في الأخير: «حين يراقب المجلس دستورية القوانين، فإنه يعرضها على نص الدستور؛ ليقرر على ضوء ذلك العرض دستوريتها من عدمها، لكن عرض النتائج المؤقتة، على النتائج التي توصل لها المجلس من حاصل جمع نتائج نسخة من محاضر التصويت، لا يصلح أساسًا لتقرير صحة النتائج المعلنة للاقتراع».
وأكد المجلس الدستوري الموريتاني في مداولة له، الإثنين الماضي، فوز محمد ولد الشيخ الغزواني في الاقتراع بحصوله على 483007 من الأصوات، بنسبة 52%، كما أكد المجلس حصول سيدي محمد ولد بوبكر، المدعوم من طرف الإسلاميين على 17.87%، وحصول بيرام الداه عبيد على نسبة 18.59%، ومحمد ولد مولود على نسبة 2.44%، ومحمد الأمين المرتجي الوافي على نسبة 0.40%، وكان حاميدو بابا قد حصل على نسبة 8.70% من الأصوات.
وينتظر أن يتسلم الرئيس الموريتاني المنتخب محمد ولد الغزواني منصب الرئاسة في الثاني أغسطس/آب المقبل، خلفًا للرئيس محمد ولد عبد العزيز، وذلك في أول تناوب للسلطة يحصل بين رئيسين منتخبين منذ استقلال البلاد عام 1960.