في خرجته الأخيرة أمام البرلمان لم يدخر وزير التعليم العالي والبحث العلمي جهدا في مغالطة الرأي العام الوطني ومحاولة رسم صورة وردية عن واقع التعليم العالي في بلادنا خاصة منذ توليه إدارة القطاع في سبتمبر2014 تلك الصورة التي يشهد الواقع المعاش يوميا في مختلف مؤسسات التعليم العالي من طرف كافة مكونات المجموعة الجامعية على قتامتها وترديها في مستوى من التخبط لم يسبق أن وصلت إليه.
لم يكتف وزير التعليم العالي في مغالطته لنواب الشعب - الذين مارسوا مشكورين دورهم في مساءلته عن واقع القطاع المأساوي - بالتباهي بإنجازات لا توجد على أرض الوقع وإنما راح يكيل الاتهامات جزافا للمنظمات الطلابية ويتهمها بالتبعية السياسية دون أن يكلف نفسه عناء تقديم دليل واحد على هذه التقولات.
إننا في الجبهة الطلابية نؤكد على:
1 – أن التقدم الكبير في مجال البحث العلمي والمستوى الأكاديمي الذي يتحدث عنه سيادة الوزير لا تسعفه الوقائع والمعطيات حيث تتذيل بلادنا بكل أسف تصنيفات جودة التعليم فيما تشي السياسات المتبعة في قطاع التعليم العالي من تقسيم الجامعة إلى جامعتين ودمجهما بعد ذلك وإنشاء معاهد تكوين عالى ودمجها بعد ذلك في مدرسة عليا وحالة المناهج التعليمية المدرسة في أغلب مؤسسات التعليم العالي الوطني ومخصصات قطاع البحث العلمي في ميزانية الوزارة عن مستوى فقدان البوصلة وغياب الرؤية الذي يطبع تسييره لهذا المرفق الحساس.
2 – أن التراجعات الخطيرة الحاصلة في دمقرطة التعليم العالي منذ توليه الوزارة خير دليل على عقليته الانفرادية في التسيير وارتجاليته في اتخاذ القرار، حيث عمد إلى إلغاء كافة المكتسبات المتعلقة بانتخاب عمداء الكليات ورؤساء الأقسام وعطل انتخابات تمثيل الطلاب والعمال وتدخل في عمل اللجان الفنية على مستوى الجامعة والكليات لتفرغ مؤسسات التعليم العالي بالمحصلة من بعدها المؤسسي وتتحول إلى هياكل يملي عليها الوزير ما تفعل وما لا تفعل.!!!
3 – أن ما يروج له سيادة الوزير من مغالطات تتعلق بجودة خدمات النقل الجامعي والإسكان والإطعام لا تسعفها الوقائع ولا تعضدها الأدلة الماثلة في حافلات نقل الطلاب القليلة والمهترئة والتي تشهد زحامات تؤدي في أحايين كثيرة لحالات إغماء في أوساط الطلاب، كما أن الطوابير الطويلة أمام المطعم الجامعي وصور وجباته الهزيلة التي يتم تداولها خير دليل، وفشل الجهات الوصية في توفير سكن للطلاب رغم مرور 5 سنوات على الانتقال للمركب الجامعي الجديد كلها تمثل دليلا على الوضعية الصعبة التي يعيشها الطالب الجامعي في وطنه وحالة التناقض التام بين ما يطلقه المسؤولون من تصريحات والوضعية الصعبة التي يكتوي بها الطلاب يوميا مرات ومرات.
4 – أن حديث وزير التعليم العالي عن تقليص المنح الخارجية من أجل توفير التخصصات محليا للطلاب الموريتانيين ما هو إلا ذر للرماد في العيون ومحاولة لتوجيه البوصلة في الاتجاه غير السليم فالعارف بوضعية مؤسسات التعليم العالي يدرك أن أغلبها يعاني من خصاصة شديدة في الكادر التدريسي الكفء والمؤهل كما أنها لا تتوفر إلا على عدد محدود من التخصصات في مرحلة الماستر التي لا توجد إلا في بعض المؤسسات وهو ما يجعل الطلاب يبحثون عن التخصصات التي يرغبون في دراستها في جامعات خارجية، كما تنعدم أيضا مرحلة الدكتوراه في أغلب مؤسسات التعليم العالي الوطني. ليعالج الوزير هذا الخلل البين بإلغاء مئات المنح الخارجية للطلاب الموريتانيين...!!ٍ
5-أن تجاهل الوزير لمشاكل الطلبة المهندسين بالمغرب (خاصة الطلبة بالمدرسة متعددة التقنيات بنجرير وكازا سنترال بالدار البيضاء )ومعاناتهم يعتبر تهربا من المسؤولية؛ فقد تم منح هذه المجموعة من المهندسين بعد تفوقها في المسابقة على أساس أن الوزارة ستتكفل برسوم التسجيل عنهم لكنها وكعادتها تنكرت لهم وتركتهم في الغربة معرضة مسيرتهم الدراسية للفشل ، ومما زاد معاناة هذه المجموعة من الطلاب هو حرمانهم من المنحة التكميلية التي تعطيها الوكالة المغربية للتعاون الدولى، وهو ماجعلهم يعيشون وضعا معيشيا صعبا (المنحة التي يحصلون عليها غير مستوفية +عدم تسديد رسوم تسجيل )
6 – أن إقصاء مئات الطلاب من المنح الداخلية الهزيلة أصلا (850 أوقية) رغم تبجح الوزير بتقليص ميزانية الوزارة خلال مأموريته يدل على أن تحسين ظروف الطالب الموريتاني هو آخر ما يفكر به صانع القرار على مستوى التعليم العالي الوطني.
7 – أن التضييق غير المسبوق على الحريات النقابية داخل الحرم الجامعي هو خرق سافر للدستور والترسانة القانونية الناظمة للعمل النقابي في بلادنا كما أن سجن النشطاء النقابيين وطردهم وإلقاء التهم جزافا ودون دليل على المنظمات الطلابية ليس سوى عملية تملص واضحة من مواجهة استحقاقات الاخفاق في التسيير التي تلاحق السيد الوزير ويحاول بها التمترس خلف هذه الاسطوانة المشروخة التي لم تعد تنطلي أحد فمتى كانت المطالبة بالحقوق المشروعة كتحسين العملية التربوية وظروف دراسة الطلاب خروجا على القانون أو محاولة لخرق النظام العام.
8 – أن ما أوردناه في النقاط الآنفة الذكر ليس سوى ومضات سريعة نسلط من خلالها الضوء على جزء يسير من حقائق ماثلة حاول وزير التعليم العالي حجبها بغربال بال من المغالطات والاتهامات، بدل مواجهتها بشجاعة ومحاولة إيجاد حلول لما يعانيه التعليم العالي الوطني من إشكالات عميقة حتما ستحتاج وقتا وجهدا من الغيورين على مصلحة هذا القطاع الحساس لإخراجه من عنق الزجاجة التي وضعته فيها سنوات الأحادية في التسيير والارتجالية في القرار الماضية.
الجبهة الطلابية:
نواكشوط بتاريخ 13/05/2019