في الثاني من مايو الجاري أحسست بالتشكيك في مواطنتي، وبسبب ذلك خشيت أن أقوم بتصرف ما، لكن ظهر ذلك الصوت الصغير بداخلي، ذلك الصوت الذي أحمل بكل سرور، صوت المواطن المخلص والواعي... الصوت الذي يذكرني بكل تعهداتي تجاه بلدي، واحترامي لوطني ولحكومتي.
لقد انعقد يومها في قصر المؤتمرات منتدى شبابي منظم من طرف وزارة الشباب والرياضة، وهو منتدى استدعيت لحضوره من طرف UNFPA (الممول الرئيسي للمنتدى)، بوصفي عضوا في المكتب التنفيذي لـ AFRIYAN، أنا و9 آخرين من زملائي.
كان من المقرر أن تقدم AFRIYAN لائحة من 10 ممثلين، لكن هذه اللائحة قد تم إرسالها إلى الجهات المنظمة للمنتدى.
لقد كانت مفاجأتي كبيرة عندما تقدمت نحو باب قصر المؤتمرات في الصباح الباكر ثم وجدتني ممنوعا من الدخول. ظننت بعفوية أن ذلك كان بسبب خطأ.. ناديت زملائي فبادروا إلى التحقيق في اللائحة التي كانت بين أيدي رجال الحراسة حيث لاحظوا أن بياضا قد تم وضعه بوضوح على اسمي ثم وضع عليه ختم وزارة الشباب والرياضة!
شعرت بالضيق أمام الشباب وكانت أسئلة عديدة تدور في رأسي، لكن ذلك الصوت الصغير الموجود بداخلي أفرحني لأتغلب على الوضع الذي أعيشه في تلك اللحظات.. وبعد محاولات للبحث عن تفسيرات لما حدث انصرفت عائدا من طريقي.
أيتها السيدة وزيرة الشباب والرياضة، مع ما أستحقه عليكم فإنكم قد تصرفتم تصرفا أظهر ضعفا كبيرا من طرفكم واستهزاء بالسلطة غير لائق من جانبكم، فأنتم لم تعبروا عن عدم احترامكم للجهة التي دعتني فحسب.. بل وأكثر من ذلك أبرزتم موقفكم من الشباب بالشطب على الاسم من اللائحة!
بالفعل يبدو أن الاستشارة التي أخذتم كانت سيئة، وأشير هنا تحديدا إلى مستشاركم المكلف بالاتصال والمستشار المكلف بالرياضة. لقد دعوتم 62 جمعية رياضية وضمنتم أن تتكفلوا باستراحتها كاملة وهو ما لم تحترموه، بعد ذلك قمتم بتسليم ظرف يحتوي على 50000 أوقية توزع بين الجمعيات الـ 62 وبوصفي شابا مندفعا وصاحب رأي ومنسقا لهذه الجمعيات، رفضت هذا المبلغ الذي يمثل بالنسبة لي استهزاء بالشباب وكانت ردة فعلي مشروعة لكنكم أنتم ومستشاريكم اعتبرتموها إساءة وأبعدتموني. كما قلت سابقا، أنا مواطن لم أعط اعتبارا لما وقع حينها حتى يوم 02 من مايو حيث اقتنعت أنكم لم تستوعبوا تصرفي وحذفتموني من لائحة المدعوين للمنتدى الذي نظمتوه.
سيدتي، أنت وزيرتنا نحن الشباب واسمحي لي أن أقول لك إنه لا يمكننا في أي لحظة أن نترككم تهزؤون بنا؛ فأنت وزيرة لكن لست الوزارة والوزارة ليست مملكة لك لتتمكني من التصرف فيها كما يروق لك. إنه الفشل بعينه حين لا تكون حصيلتكم الناقصة هي المأمولة فحسب وإنما يمتزج عملهم برغباتكم ومواقفكم من الأشخاص وحكمكم عليهم.
لقد تأكد فشلكم كذلك عند تنظيمكم لهذا المنتدى، فهو منتدى كان يجب أن يستقبل 150 شابا من جميع أنحاء موريتانيا (وأرى أن هذا العدد قليل) إذ لم يكن تنظيمه لائقا. كان تغيبكم وحتى عدم قدرتكم على الوصول إلى هذا العدد الصغير من 150 مشاركا غير مبرر؛ فالشباب الذي لا يستجيب لدعوتكم قد أظهر لكم عدم موافقته. لقد سبب المنتدى الكثير من الشر بدل الخير وكان من الأفضل تسميته بالورشة أو اللقاء.
أين كان هو موقع منظمات الشباب في التحضير لهذا المنتدى؟ أين كان يوجد الشباب رواد الرأي الذين لديهم معرفة واسعة بالمشكل المتعلق بموضوع الديموغرافيا (موضوعكم المختار) في هذا المنتدى أم أن المنتدى بالنسبة لكم هو فقط تجمع جمهور حول خطاب واستراحات غذائية؟ ماذا تعتقدون أنكم ستحصلون عليه من هذا المنتدى؟ أشك في أنكم تعرفونه سيدتي الوزيرة. لا ينبغي لوزير أن ينظم نشاطا من أجل التنظيم فقط، لكن يجب أن يكون هذا النشاط مؤسسا على مشكلات حقيقية وتكون الورشات طريقة للوصول إلى الحلول الملموسة.
أنتهز هذه الفرصة لأطمئنكم قليلا.. فلقد قمت بتنظيم عدة نشاطات مع الشباب دون رعاية ولا مساعدة مسبقة، كانت نشاطات جمعت كلها بين أغلبية المفكرين من الشباب الموريتاني المتنوع وكان التنظيم رائعا، وقد أعطينا الكلمة لممثلكم.
إنني ابن مخلص للوطن أساهم في تقدمه بوسائلي المحدودة وأحمل بسرور الألوان الوطنية وأنا جزء لا يتجزأ من النظام القائم المكون من أقرباء ومستشارين لي لم أدخر جهدا في خدمتهم ولن تستطيعوا أن تعكروا صفوة علاقتي معهم.
هل تعرفون أن هذا المنتدى الذي حظيتم بتنظيمه لم يكن مبادرة من الوزير السابق للشباب محمد ولد جبريل ولا من طاقمكم وإنما بمبادرة من الشاب المتألق ماكي وزملاء له من برنامج YALI,، لكنه مثلي أنا كان كثير الوطنية وقد تجاوز عن ما حدث بطلب من الوزير السابق، لقد قام هؤلاء الشباب بكتابة مشروع ثم أبعَدوا عنة في النهاية.. هذا هو شبابنا نحن، شباب ملتزم بأداء مهمته.
سأرفق بهذه الرسالة جميع المبررات: اللائحة التي تم إقصائي منها، تبادل الرسائل الألكترونية بين الوزير السابق وماكي حول يوم الرياضة مع التواريخ الواضحة.
وراء سعة العقل المعلنة توجد المبادئ الكبيرة والجميلة التي يمكن للجميع الاشتراك فيها وهذه الفكرة العالمية التي تلوح في الواجهة لا تتناسب مع مفاهيم الحرية والعدالة والجمال والحقيقة التي تنمو حولها.
إنه من غير اللائق أن تحتسب أنه من الممكن تدريب الإنسان باعتباره آلة طائعة للممارسة التي ترميه في سباق سريع من أجل الكسب والاستهلاك لصالح شخص يستغله ويرهقه.
تشكل الحرية مكسبا ضروريا في الطبيعة الإنسانية؛ فهي الشرط الضروري للوصول إلى درجة الإنسان المستقل والمسؤول والمواطن الواعي القادر على التفكير والتعليق الناقد.
احترام النفس والغير وحس المسؤولية والتضامن ليست مفاهيم يمكن إدخالها بطريقة نظامية وفكرية؛ فهي ترتيبات طبيعية تنمو وتستمر وعندها نحمي نقاء وعينا.
لكن، في رسالتي، لن تلاحظي المبادئ الصادرة عنكم تحت غطاء العصرنة والتقدم حيث نلاحظ تناقصا وهبوطا في العقلية القديمة لحق الأقوى، وعلاقات القوة والإقدام الشخصي.
السيد الوزيرة، هل تعتقدين أن الشباب الحالي الذي يطلع بالكفاية على حالة العالم، جاهر لاعتبار أن الإخلاص والمدنية يكمنان في طواعيته لنظام استغلال وحيد لصالح أقلية تتمثل في الوزيرة ومستشاريها؟
بالنسبة لنا نحن، فإنه لا يمكن فصله عن الاستقلالية في ظل احترام الحرية والوعي. وفي هذا المجال تندرج المطالبة بالجودة والكفاءة التي يطمح لها كل شاب بطريقة متوازنة من أجل حياته الشخصية في السياق الذي هو المجتمع.