أُعلن في الأسابيع القريبة الماضية عن ميلاد تيار سياسي جديد، حمل اسم "تيار الوفاق الوطني".
وجاء في البيان التأسيسي للتيار أنه يطمح لأن يكون معبّرا عن آمال قطاعات نخبوية وشعبية لا تجد طموحاتها في الأحزاب السياسية القائمة.
واعتبر نفس البيان أن الانتخابات الرئاسية المقبلة "فرصة ثمينة للمساهمة مع الأطراف الوطنية المختلفة في الوصول إلى اختيار أفضل لموريتانيا".
"مراسلون التقت السيد "محمد أحمد ولد إسلم" عضو المكتب التنفيذي ومسؤول العلاقات الخارجية في "تيار الوفاق الوطني"، وهو إطار اقتصادي وإداري مصرفي، وأجرت معه الحوار التالي:
أعلنتم في الأسابيع الماضية، رفقة مجموعة من الأطر الوطنية، عن تأسيس تيار الوفاق الوطني، ما خلفية هذه المبادرة؟ وما أهم الأفكار التي تدعون إليها؟
شكرا لكم، في البداية اسمحوا لي أن أتوجه بخالص الشكر وأطيب التمنيات لموقع "مراسلون" الرائد، ومن خلاله لعموم الشعب الموريتاني بمناسبة السنة الجديدة، راجيا لهم التوفيق والسداد.
وعودة إلى سؤالكم لم تأت فكرة تيار الوفاق الوطني من فراغ، وإنما كانت ثمرة تشاور ونقاش معمق بين مجموعة من الكفاءات الوطنية، قد تكون متعددة المشارب، لكنها تتقاسم قناعة بضرورة الالتزام بالإيجابية وروح المبادرة، ووجوب العمل على توحيد الجهود، بغية المساهمة في النهوض بهذا الوطن في وجه التحديات على مستوى الدولة والمجتمع، لاسيما والبلاد على أعتاب تحولات سياسية واقتصادية شديدة الحساسية.
ورؤيتنا في تيار الوفاق الوطني أن التحديات التي يواجه البلد متعددة ومتشعبة، وخلصت نقاشاتنا إلى التركيز على أفكار رئيسية، تمثل في نظرنا علاجا جوهريا لأزمات البلد، وهذه الأفكار هي:
أولا: تعزيز الديمقراطية بوصفها طوق نجاة للدولة والمجتمع، والعمل على ترسيخ الممارسة الديمقراطية.
وثانيا: الدعوة إلى التوافق السياسي وأن تحل ثقافة التشاركية والاستيعاب السياسي محل الإقصاء والاحتكار، ونرى أن المدخل الحالي إلى ذلك التوافق يتمثل في تجاوز منطق "موالاة ومعارضة" من أجل مجابهة التحديات.
وثالثا: صيانة الوحدة الوطنية باعتبارها الضامن الأساسي لاستقرار الوطن وتطور ديمقراطيته، ونعتقد أن المدخل الرئيس لبناء وتعزيز الوحدة الوطنية يمر من خلال بناء دولة قوية عادلة، تتسم مؤسساتها الحكومية بالكفاءة والشفافية واحترام القانون.
لاحظتُ أن أغلب مؤسسي تيار الوفاق الوطني مجموعة من الأطباء والمهندسين والمصرفيين، أي أنكم مجموعة من التكنوقراط، ما الذي وجهكم نحو العمل السياسي؟
فعلا، أغلب المؤسسين للتيار هم من التكنوقراط عكس ما درجت عليه العادة، وهذا ما يؤكد أن المسألة تتعلق بقناعات إصلاحية وليس امتهانُ السياسة، بل هي هبة طبيعية لنخبة من أبناء الوطن الغيورين على مصالح البلد ومستقبل تماسكه وازدهاره. كما أن مسار التيار يضع التوافق وإشراك جميع الطاقات الوطنية في عملية البناء الوطني نصب عينه.
ذكرتم في البيان التأسيسي لكم أن مشكل الوحدة الوطنية وجمود الديمقراطية يعود لضعف الدولة وفشلها في أداء وظائفها. هلا شرحتم لنا المقصود بذلك؟
إننا في تيار الوفاق الوطني نعتقد أن الحل الجذري للتحديات المرتبطة بالوحدة الوطنية يكمن في تقوية الدولة وتفعيل ودمقرطة مؤسساتها الحكومية كي تلعب دورها على أكمل وجه،
وبالتالي يتعزز ولاء المواطن للدولة بدل لجوئه إلى القبائل والشرائح والأعراق من أجل إشباع رغباته أو توفير الحماية المادية أو المعنوية له، فعندما تصبح الدولة قوية وعادلة تتدفق أشكال الولاء نحوها، مما يؤدي إلى اضمحلال الهويات الفرعية.
هل لديكم مرشح رئاسي بعينه؟ وما هي مواصفات المرشح المناسب حسب رؤيتكم؟
نحن في تيار الوفاق الوطني نهدف إلى تفعيل المشاركة السياسية، لاسيما ونحن على أعتاب الانتخابات الرئاسية، والتي تعتبر عادة إحدى أهم الاستحقاقات الانتخابية والسياسية خاصة في السياق الحالي.
وعموما ليس لدينا مرشح حاليا وليس لدينا أيضا تحفظ كبير على أحد بعينه، ولا يزال الوقت مبكرا على مرحلة الاختيار والتحالف.
أملنا أن نوفق في التحالف مع المرشح الذي يحمل المشروع الأمثل لخدمة البلد، وأملنا الأكبر أن يتحقق العبور الآمن لموريتانيا نحو المستقبل.
لاحظت أيضا تنوع الخلفيات الفكرية لتشكيلة المكتب التنفيذي، كيف استطعتم جمع هذا التنوع والتباين في إطار واحد؟
تيار الوفاق الوطني تيار سياسي اجتمع مؤسسوه على الدعوة إلى الديمقراطية، والتوافق وبناء الدولة القوية الخادمة، وجدير بهم بهؤلاء المؤسسين أن يضربوا المثل الحي على إمكانية تحقيق هذا الحلم.. حلم توحيد الموريتانيين على مشروع وطني ديمقراطي ينطلق نحو التمية والنهوض.
لقد أكد البيان التأسيسي للتيار على أننا نراهن على قطاع عريض من النخب لا يجد طموحاته في أحزاب الموالاة أو المعارضة، من أجل استثمار هذه الطاقات الوطنية المستقلة في خدمة الوطن.
وحالة الاستقطاب السياسي الحاد وحرب الخنادق السياسية والإيديولوجية يجب تجاوزها، وإدراك عقْمها، والانطلاق نحو التوافق والتشارك والتعاون البنّاء من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
شكرا لكم
بل الشكر لكم على إتاحة هذه الفرصة.